السنن الرواتب
عبد العزيز بن باز
- التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال: السنن الرواتب
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى
بهداه، أما بعد:
فهذه فائدة مهمة حول رواتب الصلاة وبقية النوافل، ونصيحتي لإخواني المسلمين المحافظة عليها وعلى كل ما شرع الله مع أداء الفرائض وترك المحارم.
قد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على شرعية الرواتب بعد الصلوات، وفيها فوائد كثيرة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من حافظ على ثنتي عشرة ركعة تطوعاً في يومه وليلته بني له بهن بيت في الجنة، والرواتب اثنتا عشرة ركعة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها عشر، ولكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنها اثنتا عشرة ركعة، وعلى أن الراتبة قبل الظهر أربع، قالت عائشة رضي الله عنها: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعاً قبل الظهر".
أما ابن عمر رضي الله عنهما فثبت عنه أنها عشر، وأن الراتبة قبل الظهر ركعتان، ولكن عائشة وأم حبيبة رضي الله عنهما حفظتا أربعاً، والقاعدة "أن من حفظ حجة على من لم يحفظ".
وبذلك استقرت الرواتب اثنتي عشرة ركعة: أربعاً قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح.
ففي هذه الرواتب فوائد عظيمة، والمحافظة عليها من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار مع أداء الفرائض وترك المحارم، فهي تطوع وليست فريضة لكنها مثل ما جاء في الحديث تكمل بها الفرائض، وهي من أسباب محبة الله للعبد، وفيها التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن المحافظة عليها والعناية بها كما اعتنى بها النبي عليه الصلاة والسلام مع سنة الضحى، ومع التهجد بالليل والوتر فالمؤمن يعتني بهذا كله.
لكن لو فاتت سنة الظهر فالصواب أنها لا تقضي بعد خروج وقتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى سنة الظهر البعدية بعد العصر سألته أم سلمة عن ذلك قالت: أنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: " "، فهي من خصائصه عليه الصلاة والسلام، أعني قضاءها بعد العصر.
أما سنة الفجر فإنها تقضي بعد الفجر، وتقضى بعد طلوع الشمس إذا فاتت قبل الصلاة، لأنه قد جاء في الأحاديث ما يدل على قضائها بعد الصلاة، وقضائها بعد طلوع الشمس وارتفاعها.
وأما قول بعض أهل العلم: إن ترك الرواتب فسوق، فهو قول ليس بجيد، بل هو خطأ؛ لأنها نافلة، فمن حافظ على الصلوات الفريضة وترك المعاصي فليس بفاسق بل هو مؤمن سليم عدل.
وهكذا قول بعض الفقهاء: إنها من شرط العدالة في الشهادة: قول مرجوح، فكل من حافظ على الفرائض وترك المحارم فهو عدل ثقة، ولكن من صفة المؤمن الكامل المسارعة إلى الرواتب وإلى الخيرات الكثيرة والمسابقة إليها.
وبذلك يكون من المقربين لأن المؤمنين في هذا الباب ثلاثة أقسام: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات، كما قال جل وعلا في سورة فاطر: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ}، وهو: صاحب المعاصي {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ}، وهو: البر الذي حافظ على الفرائض وترك المحارم، {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}، وهو الذي اجتهد في الطاعات النافلة مع الفرائض وهو الأعلى في المرتبة، والمقتصد في الرتبة الوسطى، وأما الظالم لنفسه فهو في الرتبة الدنيا، فالعاصي تحت مشيئة الله، إذا مات على ظلمه لنفسه بالمعاصي فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، ومتى دخل النار لم يخلد فيها بل يعذب على قدر معاصيه ثم يخرج منها، ولا يخلد في النار إلا الكفرة نسأل الله العافية.
والمقصود أن هذه الرواتب وسائر التطوعات من كمال الإيمان، ومن أعمال السابقين إلى الخيرات، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فسره بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج فقال السائل: هل عليَّ غيرها؟ قال: " "، فدل ذلك على أن الرواتب وغيرها من النوافل كلها تطوع وليست واجبة.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حق السائل لما أدبر قائلا لن أزيد على ذلك ولا أنقص: " "، فعُلم بذلك أن التطوع ليس شرطاً في العدالة وليس شرطاً في الإيمان، ولكنه من المكملات ومن أسباب الخير العظيم، ومضاعفة الحسنات، ومن أسباب دخول الجنة مع المقربين، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية وحسن الخاتمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله - المجلد الحادي عشر.
فهذه فائدة مهمة حول رواتب الصلاة وبقية النوافل، ونصيحتي لإخواني المسلمين المحافظة عليها وعلى كل ما شرع الله مع أداء الفرائض وترك المحارم.
قد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على شرعية الرواتب بعد الصلوات، وفيها فوائد كثيرة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من حافظ على ثنتي عشرة ركعة تطوعاً في يومه وليلته بني له بهن بيت في الجنة، والرواتب اثنتا عشرة ركعة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها عشر، ولكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنها اثنتا عشرة ركعة، وعلى أن الراتبة قبل الظهر أربع، قالت عائشة رضي الله عنها: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعاً قبل الظهر".
أما ابن عمر رضي الله عنهما فثبت عنه أنها عشر، وأن الراتبة قبل الظهر ركعتان، ولكن عائشة وأم حبيبة رضي الله عنهما حفظتا أربعاً، والقاعدة "أن من حفظ حجة على من لم يحفظ".
وبذلك استقرت الرواتب اثنتي عشرة ركعة: أربعاً قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح.
ففي هذه الرواتب فوائد عظيمة، والمحافظة عليها من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار مع أداء الفرائض وترك المحارم، فهي تطوع وليست فريضة لكنها مثل ما جاء في الحديث تكمل بها الفرائض، وهي من أسباب محبة الله للعبد، وفيها التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن المحافظة عليها والعناية بها كما اعتنى بها النبي عليه الصلاة والسلام مع سنة الضحى، ومع التهجد بالليل والوتر فالمؤمن يعتني بهذا كله.
لكن لو فاتت سنة الظهر فالصواب أنها لا تقضي بعد خروج وقتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى سنة الظهر البعدية بعد العصر سألته أم سلمة عن ذلك قالت: أنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: " "، فهي من خصائصه عليه الصلاة والسلام، أعني قضاءها بعد العصر.
أما سنة الفجر فإنها تقضي بعد الفجر، وتقضى بعد طلوع الشمس إذا فاتت قبل الصلاة، لأنه قد جاء في الأحاديث ما يدل على قضائها بعد الصلاة، وقضائها بعد طلوع الشمس وارتفاعها.
وأما قول بعض أهل العلم: إن ترك الرواتب فسوق، فهو قول ليس بجيد، بل هو خطأ؛ لأنها نافلة، فمن حافظ على الصلوات الفريضة وترك المعاصي فليس بفاسق بل هو مؤمن سليم عدل.
وهكذا قول بعض الفقهاء: إنها من شرط العدالة في الشهادة: قول مرجوح، فكل من حافظ على الفرائض وترك المحارم فهو عدل ثقة، ولكن من صفة المؤمن الكامل المسارعة إلى الرواتب وإلى الخيرات الكثيرة والمسابقة إليها.
وبذلك يكون من المقربين لأن المؤمنين في هذا الباب ثلاثة أقسام: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات، كما قال جل وعلا في سورة فاطر: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ}، وهو: صاحب المعاصي {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ}، وهو: البر الذي حافظ على الفرائض وترك المحارم، {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}، وهو الذي اجتهد في الطاعات النافلة مع الفرائض وهو الأعلى في المرتبة، والمقتصد في الرتبة الوسطى، وأما الظالم لنفسه فهو في الرتبة الدنيا، فالعاصي تحت مشيئة الله، إذا مات على ظلمه لنفسه بالمعاصي فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، ومتى دخل النار لم يخلد فيها بل يعذب على قدر معاصيه ثم يخرج منها، ولا يخلد في النار إلا الكفرة نسأل الله العافية.
والمقصود أن هذه الرواتب وسائر التطوعات من كمال الإيمان، ومن أعمال السابقين إلى الخيرات، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فسره بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج فقال السائل: هل عليَّ غيرها؟ قال: " "، فدل ذلك على أن الرواتب وغيرها من النوافل كلها تطوع وليست واجبة.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حق السائل لما أدبر قائلا لن أزيد على ذلك ولا أنقص: " "، فعُلم بذلك أن التطوع ليس شرطاً في العدالة وليس شرطاً في الإيمان، ولكنه من المكملات ومن أسباب الخير العظيم، ومضاعفة الحسنات، ومن أسباب دخول الجنة مع المقربين، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية وحسن الخاتمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله - المجلد الحادي عشر.