أريد العفاف وأسرتي تأبي

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
السؤال: أنا شاب مغربي ملتزم الحمد لله،رزقني الله عملا محمود الدخل مع شركة متعددة الجنسيات الحمد لله،عمري 23سنة نويت الزواج بفتاه ملتزمة،متخلقة يتمناها كل من يريد العفاف بنفسه.
كانت تدرس معي حوالي 3 سنوات و صارحتها بالزواج،اتفقت معها أن أقول لوالدي،لكن عندما فتحت الأمر مع والدي رفضا فكرة الزواج للأسباب الآتية الأول كوني صغير السن
و الثاني زعمهم أن تلك الفتاة سيئة و أنها قد أوقعتني في حبها بغية الزواج بها مع مع العلم أنهم لا يعرفونها . و الآن نويت تأجيل الزواج عام أو عامين لكن المشكل هو أني متخوف من والدي أن يرفضا فكرة الزواج بالفتاة بشدة أشير إلى علمكم أن الفتاة ملتزمة جداً و متخلقة جداً،و أنا أريد العفة مع عدم العقوق بالوالدين.فماذا افعل ؟؟؟
الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الظاهر من حال هذه الفتاة الإيمان والتقوى والصلاح كما تقول، فحاول أن تبذل جهدك في إقناع والديك بزواجك منها، وذلك عن طريق التَّودُّد إليهما، وحسن التعامل معهما، واللين في القول لهما، والتذكير الدائم لهما بنصوص الشرع الحاثَّة على نكاح ذات الدين؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك"؛ رواه البخاري ومسلم. وكذلك حاول أن توسط أحدا من أهل الخير ليساعدك في اقناعهما.
فإن لم تنجح في إقناعهما بذلك، فالأولى بك تركها التماساً لرضاهما؛ لأن رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي أخرجه الطبراني والبيهقي، وفي الترمذي أيضاً من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأَضِع ذلك الباب أو احفظه"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح، ورواه الحاكم عن عبد الرحمن السلمي: "أن رجلاً منا أَمَرَتهُ أُمُّه أن يتزوج، فلما تزوج، أمرته أن يفارقها؛ فارتحل إلى أبي الدرداء؛ فسأله عن ذلك؛ فقال: ما أنا بالذي أمرك أن تطلق وما أنا بالذي أمرك أن تمسك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره، فاحفظ ذلك الباب أو ضيعه. ( قال: فرجع وقد فارقها)".
وإذا تركت الزواج من هذه المرأة ابتغاء مرضاة أبويك، التي أمر الله بها؛ فإن الله سيعوضك خيراً منها؛ ثواباً لك على طاعة والديك؛ والتزامك بالآداب الشرعية معهما.
وذلك لأنهما لم يأمراك بإثم، ولا قطيعة رحم، ولا بفعل منكر نهى الله تعالى عنه، بل غاية أمرهما لك ترك الزواج بامرأة معينة، والزواج بامرأة معينة غير واجب قطعاً، وطاعة الوالدين في المعروف واجبة قطعاً، والواجب مقدم على غير الواجب، هذا إذا كان الزواج بها مُباحاً أو مستحباً، فمن البر الواجب أن يترك المرء المستحب براً بأبويه، كما في قصة جُرَيج العابد الذي نادته أمه وهو في الصلاة فقال: "اللهم أمي وصلاتي فقالت: "اللهم لا يموت حتى ينظر في وجه الْمُومِسَاتِ"، (المومِس الفاجرة بالزنا)؛ فاستجاب الله دعاءها.
ولتعلم أن مخالفة أبويك وإغضابهما فيما لا يضرك، من أعظم الذنوب التي توجب غضب الله عز وجل، وهو ما لا يمكن التعويض عنه، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته التي يحبها لأن أباه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لا يرضاها زوجة له، وكان يأمره بطلاقها، فمن باب أولى أن تطيع والديك في التخلي عن هذه الفتاة التي لم تصبح زوجة لك بعد، ولتبحث عن زوجة أخرى يرضيانها، ولا مانع مع هذا أن تسعى لتزويج هذه المرأة بمن يليق بها ديناً وخلقاً، فتكون قد حصلت الخيرين معاً، طاعة والديك وإعفافها.
أما إن خشيت على نفسك الفتنة بهذه الفتاة، وعدم الصبر، ففي هذه الحالة يختلف الحكم؛ لأن زواجك بها ينقلب من مباح أو مستحب إلى واجب؛ لأن الحرام لا يندفع عنك إلا بفعله، فيكون أمر والديك لك بترك الزواج منها غير داخل في طاعتهما الواجبة؛ لأنها ليست من المعروف في حقك والحال كذلك.
وننبه الأخ السائل إلى أنه لا يجوز الاختلاط بتلك المرأة فقد روى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء
والله نسأل أن يلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك،، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من فتاوى زوار موقع طريق الإسلام.