أعمل بوكالة ببنك المغرب بحيث لا نقوم بأي عملية ربوية، لكن على المستوى المركزي هناك ...

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه المعاملات -
السؤال: أعمل بوكالة ببنك المغرب بحيث لا نقوم بأي عملية ربوية، لكن على المستوى المركزي هناك بعض العمليات الربوية المحدودة في السوق النقدية، فما حكم هذا العمل؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر من السؤال أن طبيعة عملك بتلك الوكالة لا تتعلق بالربا، ولكن السؤال غير واضح فيما إذا كان هذا البنك أصلاً ربوياً أم لا، فعلى فرض أن البنك غير ربوي فالعمل فيه حلال لا شبهة فيه، أما إذا كان ربويا فما تقوم به من عمل حلال يجعل راتبك مباحاً ولكن يلحقك الإثم من جهة أن عملك فيه تعاون مع البنك على الإثم والعدوان، لأن من القواعد الشرعية المُقرَّرة عند أهل العلم أنه: "لا يجوز التعاون على فعل المُحَرَّم بأي وجه من وجوه الإعانة"؛ قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَان} [المائدة:2].

وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور مَن تَبِعَهُ لا يُنْقِص من أُجُورِهِمْ شيئاً، ومن دَعَا إلى ضَلالة كان عليه من الإثم مثل آثامِ من تَبِعَهُ لا ينقص ذلك من آثامِهم شيئاً"، ولقوله صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما: "لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها"، فلَعَنَ الله عز وجل كلَ هؤلاء؛ بسبب تعاونهم على هذا المنكر، وفي معنى هذا كل من أعان على معصية؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وفي معنى هؤلاء كل بيع، أو إجارة، أو هبة، أو إعارة تعين على معصية إذا ظهر القصد، وإن جاز أن يزول قصد المعصية، مثل بيع السلاح للكفار، أو للبغاة، أو لقطاع الطريق، أو لأهل الفتنة، إلى غير ذلك من المواضع؛ فإن ذلك قياس بطريق الأولى على عاصر الخمر، ومعلوم أن هذا إنما استحق اللعنة، وصارت إجارته وبيعه باطلاً إذا ظهر له أن المشتري أو المستأجر يريد التوسل بماله ونفعه إلى الحرام؛ فيدخل في قوله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].أ.هـ.

والواجب عليك في تلك الحال أن تبحث عن عمل آخر، والواجب على المسلم أن يبحث عن عملٍ لا يكون فيه سَبَباً في معصية أحد لله، فإن السَّلامَةَ في الدين لا يَعْدِلُها شيء، ومن رَتَعَ حول الحمى أوشَك أن يواقِعَهُ، ومن ترك شيئاً لله عَوَّضَهُ الله خيراً منه؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2،3].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع الآلوكة.