سئل الشيخ رحمه الله عن رجل مدمن على المحرمات

ابن تيمية

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
السؤال: سئل الشيخ رحمه الله عن رجل مدمن على المحرمات
الإجابة: سئل الشيخ رحمه الله عن رجل مدمن على المحرمات، وهو مواظب على الصلوات الخمس، ويصلي على محمد مائة مرة كل يوم، ويقول ‏:‏ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، كل يوم مائة مرة، فهل يُكَفَّر ذلك بالصلاة والاستغفار‏؟‏

فأجاب‏:‏

قال الله تعالى ‏:‏‏{‏‏فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ‏}‏‏ ‏[‏الزلزلة‏:‏7- 8 ‏]‏، فمن كان مؤمنا وعمل عملاً صالحاً لوجه الله تعالى، فإن الله لا يظلمه، بل يثيبه عليه‏.

‏‏ وأما ما يفعله من المحرم اليسير فيستحق عليه العقوبة، و يرجى له من الله التوبة‏.‏

كما قال الله تعالى ‏:‏‏{‏‏وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏‏ ‏[‏التوبة‏:‏102‏]‏ ،وإن مات ولم يتب فهذا أمره إلى الله‏.‏

هو أعلم بمقدار حسناته وسيئاته‏.‏

لا يشهد له بجنة ولا نار ،بخلاف الخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون‏:‏ إنه من فعل كبيرة أحبطت جميع حسناته، وأهل السنة والجماعة لا يقولون بهذا الإحباط، بل أهل الكبائر معهم حسنات وسيئات، وأمرهم إلى الله تعالى ‏.‏

وقوله تعالى ‏:‏‏{‏‏إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏}‏‏‏[‏المائدة‏:‏7‏]‏ أي من اتقاه في ذلك العمل، بأن يكون عملاً صالحاً خالًصا لوجه الله تعالى ،وأن يكون موافقاً للسنة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً‏}‏‏‏[‏الكهف‏:‏110‏]‏‏.

‏‏ وكان عمر بن الخطاب يقول في دعائه ‏:‏اللهم اجعل عملي كله صالحاً واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً‏.‏

وأهل الوعيد يقولون ‏:‏ لا يتقبل العمل إلا ممن اتقاه بترك جميع الكبائر‏.

‏‏ وهذا خلاف ما جاء به الكتاب والسنة في ‏[‏قصة حمار‏]‏ الذي كان يشرب الخمر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "إنه يحب الله ورسوله‏"‏‏، وكما في أحاديث الشفاعة، وإخراج أهل الكبائر من النار‏.‏

حتى يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان‏.‏

فقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ‏}‏‏ الآية ‏[‏فاطر‏:‏32‏]‏ ‏.‏

ومع هذا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن‏"‏‏‏.

‏‏ وقال "من شرب الخمر في الدنيا، ولم يتب منها حرمها في الآخرة‏"‏‏، وقال‏ ‏"‏لعن الله الخمر، وعاصرها ومعتصرها، وبائعها، ومشتريها، وحاملها، والمحمولة إليه، وشاربها، وساقيها، وآكل ثمنها‏".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.