سئل رضي الله عنه عن شرب الخمر وفعل الفاحشة
ابن تيمية
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
السؤال: سئل رضي الله عنه عن شرب الخمر وفعل الفاحشة
الإجابة: سئل رضي الله عنه عن شرب الخمر وفعل الفاحشة، أيهما أعظم إثماً عند
الله؟ أم هما مستويان؟ وما هي الكبائر التي قال عز وجل فيها:
{إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا
تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم
مُّدْخَلاً كَرِيماً}[النساء:31]، فما هي هذه
الكبائر، وما هي السيئات؟
فأجاب رضي الله عنه :
الحمد لله، الكبائر: هي ما فيها حد في الدنيا، أو في الآخرة: كالزنا، والسرقة، والقذف، التي فيها حدود في الدنيا، وكالذنوب التي فيها حدود في الآخرة، وهو الوعيد الخاص، مثل الذنب الذي فيه غضب الله، ولعنته، أو جهنم، ومنع الجنة، كالسحر، واليمين الغموس، والفرار من الزحف، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور،وشرب الخمر، ونحو ذلك.
هكذا روى عن ابن عباس، وسفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من العلماء، قال تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً}، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم:32]، وقال تعالى :{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى 37]، وقال تعالى: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف:49]، وقال تعالى :{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر:53].
و أكبر الكبائر : الإشراك بالله، ثم قتل النفس، ثم الزنا، كما قال تعالى :{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُون} الآية [الفرقان:68].
والزنا أعظم من شرب الخمر، إذا استويا في القدر، مثل من يزني مرة، ويشرب الخمر مرة، فأما إذا قدر أن رجلا زنا مرة، وآخر مدمن على شرب الخمر، فهذا قد يكون أعظم من ذاك.
كما أنه لو زنا مرة وتاب كان خيراً من المصر على شرب الخمر، وكذلك شارب الخمر إذا دعا غيره فيكون عليه إثم شربه وعليه قسط من إثم الذين دعاهم إلى الشرب، وكذلك إذا اقترن بالشرب سماع المزامير، والشرب على بعض الصور المحرمة، ونحو ذلك فهذا مما يتغلظ فيه الشرب.
والذنب يتغلظ بتكراره، و بالإصرار عليه، وبما يقترن به من سيئات أخر، وكذلك لو قدرنا أن الزاني زنا وهو خائف من الله، وجل من عذابه، والشارب يشرب لاهياً غافلا لا يراقب الله، كان ذنبه أعظم من هذا الوجه، فقد يقترن بالذنوب ما يخففها، وقد يقترن بها ما يغلظها.
كما أن الحسنات قد يقترن بها ما يعظمها، وقد يقترن بها ما يصغرها، فكما أن الحسنات أجناس متفاضلة، وقد يكون المفضول في كثير من المواضع أفضل مما جنسه فاضل.
فكذلك السيئات.
فالصلاة أفضل من القراءة، والقراءة أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء؛ مع أن القراءة والذكر والدعاء بعد الفجر وبعد العصر أفضل من تحري صلاة التطوع في ذلك، وكذلك التسبيح في الركوع والسجود أفضل من قراءة القرآن فيه، وقد يكون بعض الناس انتفاعه بالذكر والدعاء أعظم من انتفاعه بالقراءة، فيكون أفضل في حقه، فهكذا السيئات، وإن كان القتل أعظم من الزنا، والزنا أعظم من الشرب، فقد يقترن بالشرب من المغلظات ما يصير به أغلظ من بعض ضرر الزنا.
وإذا عرف أن الحسنات والسيئات تتفاضل بالأجناس تارة، وتتفاضل بأحوال أخرى تعرض لها تبين أن هذا قد يكون أعظم من هذا، وهذا أعظم من هذا، والعبد قد يأتي بالحسنة بنية وصدق وإخلاص تكون أعظم من أضعافها.
كما في حديث صاحب البطاقة الذي رجحت بطاقته التي فيها: [لا إله إلا الله] بالسجلات التي فيها ذنوبه، وكما في حديث البغي التي سقت كلباً بموقها، فغفر الله لها.
وكذلك في السيئات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.
فأجاب رضي الله عنه :
الحمد لله، الكبائر: هي ما فيها حد في الدنيا، أو في الآخرة: كالزنا، والسرقة، والقذف، التي فيها حدود في الدنيا، وكالذنوب التي فيها حدود في الآخرة، وهو الوعيد الخاص، مثل الذنب الذي فيه غضب الله، ولعنته، أو جهنم، ومنع الجنة، كالسحر، واليمين الغموس، والفرار من الزحف، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور،وشرب الخمر، ونحو ذلك.
هكذا روى عن ابن عباس، وسفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من العلماء، قال تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً}، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم:32]، وقال تعالى :{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى 37]، وقال تعالى: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف:49]، وقال تعالى :{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر:53].
و أكبر الكبائر : الإشراك بالله، ثم قتل النفس، ثم الزنا، كما قال تعالى :{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُون} الآية [الفرقان:68].
والزنا أعظم من شرب الخمر، إذا استويا في القدر، مثل من يزني مرة، ويشرب الخمر مرة، فأما إذا قدر أن رجلا زنا مرة، وآخر مدمن على شرب الخمر، فهذا قد يكون أعظم من ذاك.
كما أنه لو زنا مرة وتاب كان خيراً من المصر على شرب الخمر، وكذلك شارب الخمر إذا دعا غيره فيكون عليه إثم شربه وعليه قسط من إثم الذين دعاهم إلى الشرب، وكذلك إذا اقترن بالشرب سماع المزامير، والشرب على بعض الصور المحرمة، ونحو ذلك فهذا مما يتغلظ فيه الشرب.
والذنب يتغلظ بتكراره، و بالإصرار عليه، وبما يقترن به من سيئات أخر، وكذلك لو قدرنا أن الزاني زنا وهو خائف من الله، وجل من عذابه، والشارب يشرب لاهياً غافلا لا يراقب الله، كان ذنبه أعظم من هذا الوجه، فقد يقترن بالذنوب ما يخففها، وقد يقترن بها ما يغلظها.
كما أن الحسنات قد يقترن بها ما يعظمها، وقد يقترن بها ما يصغرها، فكما أن الحسنات أجناس متفاضلة، وقد يكون المفضول في كثير من المواضع أفضل مما جنسه فاضل.
فكذلك السيئات.
فالصلاة أفضل من القراءة، والقراءة أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء؛ مع أن القراءة والذكر والدعاء بعد الفجر وبعد العصر أفضل من تحري صلاة التطوع في ذلك، وكذلك التسبيح في الركوع والسجود أفضل من قراءة القرآن فيه، وقد يكون بعض الناس انتفاعه بالذكر والدعاء أعظم من انتفاعه بالقراءة، فيكون أفضل في حقه، فهكذا السيئات، وإن كان القتل أعظم من الزنا، والزنا أعظم من الشرب، فقد يقترن بالشرب من المغلظات ما يصير به أغلظ من بعض ضرر الزنا.
وإذا عرف أن الحسنات والسيئات تتفاضل بالأجناس تارة، وتتفاضل بأحوال أخرى تعرض لها تبين أن هذا قد يكون أعظم من هذا، وهذا أعظم من هذا، والعبد قد يأتي بالحسنة بنية وصدق وإخلاص تكون أعظم من أضعافها.
كما في حديث صاحب البطاقة الذي رجحت بطاقته التي فيها: [لا إله إلا الله] بالسجلات التي فيها ذنوبه، وكما في حديث البغي التي سقت كلباً بموقها، فغفر الله لها.
وكذلك في السيئات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.