فصل في تفاضل الناس في الإيمان والتقوى والولاية

ابن تيمية

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
السؤال: فصل في تفاضل الناس في الإيمان والتقوى والولاية
الإجابة: فصـــل:

وإذا كان ‏[‏أولياء الله عز وجل‏]‏ هم المؤمنون المتقون‏.‏ والناس يتفاضلون في الأيمان والتقوى، فهم متفاضلون في ولاية الله بحسب ذلك‏.

‏‏ كما أنهم لما كانوا متفاضلين في الكفر والنفاق كانوا متفاضلين في عداوة الله بحسب ذلك ‏.‏

وأصل الأيمان والتقوى‏:‏ الأيمان برسل الله، وجماع ذلك‏:‏ الأيمان بخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، فالأيمان به يتضمن الأيمان بجميع كتاب الله ورسله، وأصل الكفر والنفاق هو الكفر بالرسل، وبما جاءوا به، فإن هذا هو الكفر الذي يستحق صاحبه العذاب في الآخرة؛ فإن الله تعالى‏:‏ أخبر في كتابه أنه لا يعذب أحداً إلا بعد بلوغ الرسالة، قال الله تعالى ‏{‏‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً‏}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 15‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأيوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً‏}‏‏ ‏[‏ النساء‏:‏ 163 ـ 165 ‏]‏، وقال تعالى عن أهل النار‏:‏ ‏{‏‏كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ‏}‏‏ ‏[‏الملك‏:‏ 8- 9 ‏]‏ فأخبر أنه كلما ألقى في النار فوج أقروا بأنهم جاءهم النذير فكذبوه، فدل ذلك على أنه لا يلقى فيها فوج إلا من كذب النذير‏.

‏‏ وقال تعالى في خطابه لإبليس‏:‏ ‏{لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ‏}‏‏ ‏[‏ ص‏:‏ 85 ‏]‏ فأخبر أنه يملؤها بإبليس ومن اتبعه؛ فإذا ملئت بهم لم يدخلها غيرهم‏.‏

فعلم أنه لا يدخل النار إلا من تبع الشيطان، وهذا يدل على أنه لا يدخلها من لا ذنب له فإنه ممن لا يتبع الشيطان ولم يكن مذنباً، وما تقدم يدل على أنه لا يدخلها إلا من قامت عليه الحجة بالرسل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.