أرسلت إليّ بطاقة فيها أذكار مرتبة من بعض الصوفية، ماذا أفعل بها؟
محمد بن صالح العثيمين
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
السؤال: أرسلت إليّ بطاقة فيها أذكار مرتبة من بعض الصوفية، ماذا أفعل بها؟
الإجابة: اطلعت على صورة البطاقة، ومن أجل العدل وبيان الحق أجبت عما فيها على
سبيل الاختصار بما يلي:
1 - تضمنت هذه البطاقة الحث على ذكر الله تعالى؛ وهذا حق، ولكن ذكر الله تعالى عبادة يتقرب بها إليه فيجب التمشي فيها على ما شرعه الله عز وجل؛ ولا يتم ذلك إلا بالإخلاص لله تعالى، والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك تتحقق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ولا يكون الاتباع إلا إذا كانت العبادة مبنية على الشرع في سببها، وجنسها، وقدرها، وكيفيتها، وزمانها، و مكانها.
وإذا كان كذلك فإن الذكر الموجود في البطاقة لا يتضمن ما ذكر فلا يصح أن يكون قربة إلى الله تعالى، أو ذكراً مرضياً عنده، كما هو ظاهر لمن رآه، فأين في شريعة الله هذا النوع من الذكر الذي رتبوه؟! وأين في شريعة الله هذا العدد الذي عينوه؟! وأين في شريعة الله عز وجل هذا الزمن الذي خصصوه بحيث يكون هذا في الليل، وهذا في النهار؟! وأين في شريعة الله تقديم الفاتحة عند البدء بهذا الذكر البدعي؟!
2 - تضمنت هذه البطاقة قراءة الفاتحة لحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أرادوا بحضرته ذاته وأن يقرأ الإنسان الفاتحة، ويهدي ثوابها للنبي صلى الله عليه وسلم فهذه بدعة لم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم، وهو من جهل فاعله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يناله من الأجر على العمل مثل ما ينال فاعله من أمته؛ لأنه هو الدال عليه؛ ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله بدون أن يهدي إليه الفاعل.
وإن أرادوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بذاته فهو أدهى وأمَرٌّ؛ وهو أمْرٌ منكر وزور؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يحضر، ولن يخرج من قبره إلا عند البعث، قال الله تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى}، وقال تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون}، وهذا عام لجميع المخاطبين؛ وأشرف المخاطبين بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الله له: {إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}.
3 - تضمنت هذه البطاقة من أسماء الله تعالى (هو)، وفسره بأنه حاضر لا يغيب. والقول بأن (هو) من أسماء الله قول باطل مبني على الجهل، والعدوان؛ أما الجهل فلأن (هو) ضمير لا يدل على معنى سوى ما يتضمنه مرجع ذلك الضمير، وأسماء الله تعالى كلها حسنى؛ لقوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}، وهل أحد إذا دعا يقول: "يا هو اغفر لي"؟ وهل أحد يقول في البسملة: "بسم هو" بدلاً عن اسم الله تعالى؟
وأما العدوان فلأن إثبات اسم لله تعالى لم يسم به نفسه عدوان على الله تعالى، وقول عليه بلا علم؛ وهو حرام؛ لقوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}.
ثم إن تفسير (هو) بـ (حاضر لا يغيب) كذب على اللغة العربية، فإن كلمة (هو) ضمير غيبة، وليس ضمير حضور؛ ومن فسره بما يدل على الحضور فهو من أجهل الناس باللغة العربية، ودلالات ألفاظها -إن كان الذي حمله على ذلك الجهل- أو من أعظم الناس افتراء إن كان قد قصد التقول على الله، وعلى اللغة العربية.
4 - فسر اسم الله (الواحد): بأنه الذي لا ثاني له.
والصواب: "لا شريك له"، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وقولنا: "لا شريك" كما أنه هو الوارد، فهو أبلغ مما جاء في هذه البطاقة.
5 - فسر اسم (العزيز): بأنه الذي لا نظير له، وهو قصور؛ والصواب: الغالب الذي لا يغلبه أحدٌ.
6 - فسر اسم (القيوم): بأنه القائم بأسباب مخلوقاته.
والصواب: القائم بنفسه وعلى غيره: قال الله تعالى: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت}، فهو قائم بنفسه لا يحتاج إلى غيره، وهو قائم على غيره: فكل أحد محتاج إلى الله عز وجل وتفسيره بالقائم بأسباب مخلوقاته قاصر جداً.
7 - ذكر في هذه البطاقة البدعية صيغة صلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله بها من سلطان وهي: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد، عدد ما في علم الله، صلاة دائمة بدوام ملك الله".
8 - ذكر في هذه البطاقة البدعية أنه يتأكد الصلاة عليه عقب كل صلاة مكتوبة ثلاث مرات بصيغة ذكرها، وهي: "اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله، وصحبه عدد حروف القرآن حرفاً حرفاً، وعدد كل حرف ألفاً ألفاً، وعدد صفوف الملائكة صفاً صفاً، وعدد كل صف ألفاً ألفاً، وعدد الرمال ذرةً ذرةً، وعدد كل ذرة ألفَ ألفِ مرةٍ، عدد ما أحاط به علمك، وجرى به قلمك، ونفذ به حكمك، في برك، وبحرك، وسائر خلقك، عدد ما أحاط به علمك القديم من الواجب، والجائز، والمستحيل، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه مثل ذلك".
وهاتان الصيغتان بدعيتان باطلتان مخالفتان لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، حيث قالوا: يا رسول قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: " ".
. وبهذا علم أن الأذكار، والصلوات البدعية مع بطلانها، وفسادها تستلزم الصد باعتبار حال فاعلها عما جاءت به الشريعة من الأذكار، والصلوات الشرعية؛ فحذار حذار أيها المؤمن من البدع؛ فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الثاني - باب البدعة.
1 - تضمنت هذه البطاقة الحث على ذكر الله تعالى؛ وهذا حق، ولكن ذكر الله تعالى عبادة يتقرب بها إليه فيجب التمشي فيها على ما شرعه الله عز وجل؛ ولا يتم ذلك إلا بالإخلاص لله تعالى، والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك تتحقق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ولا يكون الاتباع إلا إذا كانت العبادة مبنية على الشرع في سببها، وجنسها، وقدرها، وكيفيتها، وزمانها، و مكانها.
وإذا كان كذلك فإن الذكر الموجود في البطاقة لا يتضمن ما ذكر فلا يصح أن يكون قربة إلى الله تعالى، أو ذكراً مرضياً عنده، كما هو ظاهر لمن رآه، فأين في شريعة الله هذا النوع من الذكر الذي رتبوه؟! وأين في شريعة الله هذا العدد الذي عينوه؟! وأين في شريعة الله عز وجل هذا الزمن الذي خصصوه بحيث يكون هذا في الليل، وهذا في النهار؟! وأين في شريعة الله تقديم الفاتحة عند البدء بهذا الذكر البدعي؟!
2 - تضمنت هذه البطاقة قراءة الفاتحة لحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أرادوا بحضرته ذاته وأن يقرأ الإنسان الفاتحة، ويهدي ثوابها للنبي صلى الله عليه وسلم فهذه بدعة لم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم، وهو من جهل فاعله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يناله من الأجر على العمل مثل ما ينال فاعله من أمته؛ لأنه هو الدال عليه؛ ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله بدون أن يهدي إليه الفاعل.
وإن أرادوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بذاته فهو أدهى وأمَرٌّ؛ وهو أمْرٌ منكر وزور؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يحضر، ولن يخرج من قبره إلا عند البعث، قال الله تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى}، وقال تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون}، وهذا عام لجميع المخاطبين؛ وأشرف المخاطبين بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الله له: {إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}.
3 - تضمنت هذه البطاقة من أسماء الله تعالى (هو)، وفسره بأنه حاضر لا يغيب. والقول بأن (هو) من أسماء الله قول باطل مبني على الجهل، والعدوان؛ أما الجهل فلأن (هو) ضمير لا يدل على معنى سوى ما يتضمنه مرجع ذلك الضمير، وأسماء الله تعالى كلها حسنى؛ لقوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}، وهل أحد إذا دعا يقول: "يا هو اغفر لي"؟ وهل أحد يقول في البسملة: "بسم هو" بدلاً عن اسم الله تعالى؟
وأما العدوان فلأن إثبات اسم لله تعالى لم يسم به نفسه عدوان على الله تعالى، وقول عليه بلا علم؛ وهو حرام؛ لقوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}.
ثم إن تفسير (هو) بـ (حاضر لا يغيب) كذب على اللغة العربية، فإن كلمة (هو) ضمير غيبة، وليس ضمير حضور؛ ومن فسره بما يدل على الحضور فهو من أجهل الناس باللغة العربية، ودلالات ألفاظها -إن كان الذي حمله على ذلك الجهل- أو من أعظم الناس افتراء إن كان قد قصد التقول على الله، وعلى اللغة العربية.
4 - فسر اسم الله (الواحد): بأنه الذي لا ثاني له.
والصواب: "لا شريك له"، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وقولنا: "لا شريك" كما أنه هو الوارد، فهو أبلغ مما جاء في هذه البطاقة.
5 - فسر اسم (العزيز): بأنه الذي لا نظير له، وهو قصور؛ والصواب: الغالب الذي لا يغلبه أحدٌ.
6 - فسر اسم (القيوم): بأنه القائم بأسباب مخلوقاته.
والصواب: القائم بنفسه وعلى غيره: قال الله تعالى: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت}، فهو قائم بنفسه لا يحتاج إلى غيره، وهو قائم على غيره: فكل أحد محتاج إلى الله عز وجل وتفسيره بالقائم بأسباب مخلوقاته قاصر جداً.
7 - ذكر في هذه البطاقة البدعية صيغة صلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله بها من سلطان وهي: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد، عدد ما في علم الله، صلاة دائمة بدوام ملك الله".
8 - ذكر في هذه البطاقة البدعية أنه يتأكد الصلاة عليه عقب كل صلاة مكتوبة ثلاث مرات بصيغة ذكرها، وهي: "اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله، وصحبه عدد حروف القرآن حرفاً حرفاً، وعدد كل حرف ألفاً ألفاً، وعدد صفوف الملائكة صفاً صفاً، وعدد كل صف ألفاً ألفاً، وعدد الرمال ذرةً ذرةً، وعدد كل ذرة ألفَ ألفِ مرةٍ، عدد ما أحاط به علمك، وجرى به قلمك، ونفذ به حكمك، في برك، وبحرك، وسائر خلقك، عدد ما أحاط به علمك القديم من الواجب، والجائز، والمستحيل، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه مثل ذلك".
وهاتان الصيغتان بدعيتان باطلتان مخالفتان لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، حيث قالوا: يا رسول قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: " ".
. وبهذا علم أن الأذكار، والصلوات البدعية مع بطلانها، وفسادها تستلزم الصد باعتبار حال فاعلها عما جاءت به الشريعة من الأذكار، والصلوات الشرعية؛ فحذار حذار أيها المؤمن من البدع؛ فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الثاني - باب البدعة.