استخدام مكبر الصوت الذي فوق المنارة لتُسمع منه الصلاة

محمد بن صالح العثيمين

  • التصنيفات: وسائل التكنولوجيا الحديثة -
السؤال: استخدام مكبر الصوت الذي فوق المنارة لتُسمع منه الصلاة
الإجابة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العثيمين إلى ....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد فشا في الآونة الأخيرة استعمال كثير من الأئمة لمكبر الصوت الذي فوق المنارة لتُسمع منه الصلاة تكبيرها وقراءتها في الصلوات الخمس.

وهذا أمر لا تدعو الحاجة إليه، فإن الإمام إنما يصلي بأهل المسجد لا بمن كان خارجه، وهو مع ذلك يوقع في أمور منها:

* أن بعض الناس قد يتهاون في المبادرة إلى حضور المسجد؛ لأنه يسمع الصلاة ركعة ركعة، وجزءاً جزءاً، فيتباطأ اعتماداً على أن الإمام في أول الصلاة، فيمضي به الوقت حتى ربما تفوته الصلاة.

* ومنها: أن المقبل إلى المسجد وهو يسمع قراءة الإمام قريبة الانتهاء تجده يسرع إسراعاً يوقعه في النهي رغبة في إدراك الركوع.

* ومنها: أن في ذلك تشويشاً وأذية لمن يسمعه من المصلين في البيوت والمساجد كما اشتكى من ذلك بعض الناس، حتى أخبرني أحدهم أن بعض المصلين في مسجد أمن بتأمين إمام مسجد آخر سمع صوته، وكبر آخر بتكبيره، وعلمت أن رجلاً تشوش عليه التشهد لسماعة قراءة إمام مسجد آخر.

ولا يخفى ما رواه الإمام مالك في الموطأ 1/167 شرح الزرقاني في باب العمل في القراءة عن البياضي (فروة بن عمرو) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: "إن المصلي يناجى ربه فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن"، وما رواه أبو داو 2/38 تحت عنوان: (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل)، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: "ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة"، وقد نقل الزرقاني في شرح الموطأ عن ابن عبد البر أنه قال: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان.

وفي مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه لابن قاسم 23/64: "ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين". ومن جواب له 1/305 من الفتاوى المطبوعة قديماً: "ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد أو فعل ما يفضي إلى ذلك مُنع منه".أ.هـ.

وما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى موافق لما دل عليه الحديثان المذكوران، ويزداد المنع قوةً حين يكون التشويش أعظم إذا فتحت نوافذ المساجد أو كان الناس يصلون في الرحبات وفي إغلاقها درء لما يحصل من التشويش والأذية، ولا مانع أن يستثنى من ذلك المسجدان المكي والنبوي، وكذلك الجوامع في صلاة الجمعة؛ لأنه ربما يكون بعض المصلين خارج المسجد فيحتاجون إلى سماع صوت الإمام بشرط أن لا تكون الجوامع متقاربة يشوش بعضها على بعض، فإن كانت كذلك فإنه توضع سماعات على جدار المسجد تسمع منها الخطبة والصلاة وتلفى حينئذ سماعات المنارة لتحصل الفائدة بدون أذية للآخرين.

هذا وأسأل الله تعالى للجميع التوفيق لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا جميعاً صالحين مصلحين وهداة مهتدين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الثالث عشر - كتاب استعمال مكبرات الصوت.