كيف توضع اليد اليمني على اليد اليسرى في الصلاة؟
محمد بن صالح العثيمين
- التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال: كيف توضع اليد اليمني على اليد اليسرى في الصلاة؟
الإجابة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد تشرفت بكتابكم الكريم المؤرخ في 29 من الشهر الماضي، وسررت بصحتكم الحمد لله على ذلك، سؤالكم عن فصل الخطاب في موضوع وضع اليدين في الصلاة حال القيام.
جوابه: فصل الخطاب هو: أن من السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع اليد اليمنى على اليسرى، جاء عنه ذلك في الصحيحين وغيرهما.
ولكن أين يكون محل اليدين؟
حُكي في نيل الأوطار قولان:
أحدهما: تحت السرة، استناداً إلى ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن علي رضي الله عنه: "أن ذلك من السنة"، والحديث في إسناده مقال.
الثاني: فوق السرة إما تحت الصدر، أو فوق السرة نفسها، وفيه أثرٌ عن علي رضي الله عنه: "أنه كان يمسك شماله بيمينه فوق السرة"، ذكر صاحب نيل الأوطار أن في إسناده أبا طالوت عبد السلام بن أبي حازم يكتب حديثه، ثم ذكر بعد ذلك حديث وائل بن حجر قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره"، وقال: لا شيء في الباب أصح من حديث وائل المذكور.
وقد حكى الأقوال الثلاثة القرطبي في تفسيره.
وإذا تبين أن حديث وائل أصح شيء في الباب كان العمل به أولى، وقد قال الشيخ الألباني في رسالته: (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ص79 ط7): "وضعهما على الصدر هو الذي ثبت في السنة، وخلافه إما ضعيف، أو لا أصل له".أ.هـ.
أما ما ذكره ابن القيم رحمه الله في البدائع عن مسائل الإمام أحمد، فلا أدري ما وجهه، وقد فسر التكفير بوضع اليدين على الصدر، ولكن صاحب النهاية فسره: بأن ينحني الإنسان ويطأطئ رأسه قريباً من الركوع.
وأما ما أشرتم إليه من كلام ابن القيم في أعلام الموقعين فقد راجعته في طبعتين عندي فلم أجده، ولعلي أبحث في طبعة ثالثة إن شاء الله عسى أن أظفر به.
وأما انفراد مؤمل عن سفيان برواية: "وضع اليدين على الصدر" فينظر في مؤمل، فإن كان ثقة لم يضر انفراده، وإن كان غير ثقة فهو مردود، وينظر هل له طريق آخر.
هذا وقد ذكر صاحب الفروع أنه يكره وضع اليدين على الصدر، وقال: نص عليه مع أنه رواه أحمد فكأنه استغرب ذلك.
ثم إني وجدت كلامه في أعلام الموقعين ص9 ج3 وتحققت من حال مؤمل بن إسماعيل فإذا العلماء مختلفون فيه: فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ومقتضى صنيع ابن القيم في الأعلام تعليل الحديث بانفراده بذلك والله أعلم.
وقد ذكر الحديث في بلوغ المرام وعزاه لابن خزيمة وسكت عنه، وقد راجعت كثيراً من كتب الحديث التي عندي فوجدت كلاماً كثيراً حول هذه المسألة، ووجدت حديثاً مرسلاً في أبي داود سنده حسن عن طاووس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة"، وهذا يؤيد حديث مؤمل بن إسماعيل، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله، لكن القول بكراهة وضعها على الصدر يحتاج إلى دليل تنبني عليه الكراهة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الثالث عشر - كتاب استعمال مكبرات الصوت.
بسم الله الرحمن الرحيم
من محبكم محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم الشيخ ... حفظه الله
تعالى.السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد تشرفت بكتابكم الكريم المؤرخ في 29 من الشهر الماضي، وسررت بصحتكم الحمد لله على ذلك، سؤالكم عن فصل الخطاب في موضوع وضع اليدين في الصلاة حال القيام.
جوابه: فصل الخطاب هو: أن من السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع اليد اليمنى على اليسرى، جاء عنه ذلك في الصحيحين وغيرهما.
ولكن أين يكون محل اليدين؟
حُكي في نيل الأوطار قولان:
أحدهما: تحت السرة، استناداً إلى ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن علي رضي الله عنه: "أن ذلك من السنة"، والحديث في إسناده مقال.
الثاني: فوق السرة إما تحت الصدر، أو فوق السرة نفسها، وفيه أثرٌ عن علي رضي الله عنه: "أنه كان يمسك شماله بيمينه فوق السرة"، ذكر صاحب نيل الأوطار أن في إسناده أبا طالوت عبد السلام بن أبي حازم يكتب حديثه، ثم ذكر بعد ذلك حديث وائل بن حجر قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره"، وقال: لا شيء في الباب أصح من حديث وائل المذكور.
وقد حكى الأقوال الثلاثة القرطبي في تفسيره.
وإذا تبين أن حديث وائل أصح شيء في الباب كان العمل به أولى، وقد قال الشيخ الألباني في رسالته: (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ص79 ط7): "وضعهما على الصدر هو الذي ثبت في السنة، وخلافه إما ضعيف، أو لا أصل له".أ.هـ.
أما ما ذكره ابن القيم رحمه الله في البدائع عن مسائل الإمام أحمد، فلا أدري ما وجهه، وقد فسر التكفير بوضع اليدين على الصدر، ولكن صاحب النهاية فسره: بأن ينحني الإنسان ويطأطئ رأسه قريباً من الركوع.
وأما ما أشرتم إليه من كلام ابن القيم في أعلام الموقعين فقد راجعته في طبعتين عندي فلم أجده، ولعلي أبحث في طبعة ثالثة إن شاء الله عسى أن أظفر به.
وأما انفراد مؤمل عن سفيان برواية: "وضع اليدين على الصدر" فينظر في مؤمل، فإن كان ثقة لم يضر انفراده، وإن كان غير ثقة فهو مردود، وينظر هل له طريق آخر.
هذا وقد ذكر صاحب الفروع أنه يكره وضع اليدين على الصدر، وقال: نص عليه مع أنه رواه أحمد فكأنه استغرب ذلك.
ثم إني وجدت كلامه في أعلام الموقعين ص9 ج3 وتحققت من حال مؤمل بن إسماعيل فإذا العلماء مختلفون فيه: فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ومقتضى صنيع ابن القيم في الأعلام تعليل الحديث بانفراده بذلك والله أعلم.
وقد ذكر الحديث في بلوغ المرام وعزاه لابن خزيمة وسكت عنه، وقد راجعت كثيراً من كتب الحديث التي عندي فوجدت كلاماً كثيراً حول هذه المسألة، ووجدت حديثاً مرسلاً في أبي داود سنده حسن عن طاووس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة"، وهذا يؤيد حديث مؤمل بن إسماعيل، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله، لكن القول بكراهة وضعها على الصدر يحتاج إلى دليل تنبني عليه الكراهة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الثالث عشر - كتاب استعمال مكبرات الصوت.