فصل في قول من قال: "لم فرق بين الحسنات والسيئات؟"
ابن تيمية
- التصنيفات: التفسير -
السؤال: فصل في قول من قال: "لم فرق بين الحسنات والسيئات؟"
الإجابة: فَصـل:
فإن قيل: إذا كانت الطاعات والمعاصي مقدرة، والنعم والمصائب مقدرة، فلم فرق بين الحسنات التي هي النعم، والسيئات التي هي المصائب؟ فجعل هذه من الله، وهذه من نفس الإنسان؟
قيل: لفروق بينهما:
الفرق الأول: أن نعم الله وإحسانه إلى عباده يقع ابتداء بلا سبب منهم أصلا، فهو ينعم بالعافية والرزق والنصر، وغير ذلك على من لم يعمل خيراً قط، وينشئ للجنة خلقاً يسكنهم فضول الجنة، وقد خلقهم فى الآخرة لم يعملوا خيراً، ويدخل أطفال المؤمنين ومجانينهم الجنة برحمته بلا عمل.
وأما العقاب، فلا يعاقب أحداً إلا بعمله.
الفرق الثاني: أن الذي يعمل الحسنات، إذا عملها، فنفس عمله الحسنات هو من إحسان الله، وبفضله عليه بالهداية والإيمان، كما قال أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله} [الأعراف:43].
وفى الحديث الصحيح .
فنفس خلق الله لهم أحياء، وجعله لهم السمع والأبصار والأفئدة، هو من نعمته.
ونفس إرسال الرسول إليهم، وتبليغه البلاغ المبين الذي اهتدوا به، هو من نعمته.
وإلهامهم الإيمان، وهدايتهم إليه، وتخصيصهم بمزيد نعمة حصل لهم بها الإيمان دون الكافرين؛ هو من نعمته، كما قال تعالى:{وَلَكِنَّ الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِّنَ الله وَنِعْمَةً} [الحجرات: 7- 8].
فجميع ما يتقلب فيه العالم من خيري الدنيا والآخرة، هو نعمة محضة منه، بلا سبب سابق يوجب لهم حقاً، ولا حول ولا قوة لهم من أنفسهم إلا به، وهو خالق نفوسهم، وخالق أعمالها الصالحة وخالق الجزاء.
فقوله:{مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله}[النساء:79] حق من كل وجه، ظاهراً وباطناً على مذهب أهل السنة.
وأما السيئة: فلا تكون إلا بذنب العبد، وذنبه من نفسه.وهو لم يقل: إني لم أقدر ذلك ولم أخلقه، بل ذكر للناس ما ينفعهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الرابع عشر.
فإن قيل: إذا كانت الطاعات والمعاصي مقدرة، والنعم والمصائب مقدرة، فلم فرق بين الحسنات التي هي النعم، والسيئات التي هي المصائب؟ فجعل هذه من الله، وهذه من نفس الإنسان؟
قيل: لفروق بينهما:
الفرق الأول: أن نعم الله وإحسانه إلى عباده يقع ابتداء بلا سبب منهم أصلا، فهو ينعم بالعافية والرزق والنصر، وغير ذلك على من لم يعمل خيراً قط، وينشئ للجنة خلقاً يسكنهم فضول الجنة، وقد خلقهم فى الآخرة لم يعملوا خيراً، ويدخل أطفال المؤمنين ومجانينهم الجنة برحمته بلا عمل.
وأما العقاب، فلا يعاقب أحداً إلا بعمله.
الفرق الثاني: أن الذي يعمل الحسنات، إذا عملها، فنفس عمله الحسنات هو من إحسان الله، وبفضله عليه بالهداية والإيمان، كما قال أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله} [الأعراف:43].
وفى الحديث الصحيح .
فنفس خلق الله لهم أحياء، وجعله لهم السمع والأبصار والأفئدة، هو من نعمته.
ونفس إرسال الرسول إليهم، وتبليغه البلاغ المبين الذي اهتدوا به، هو من نعمته.
وإلهامهم الإيمان، وهدايتهم إليه، وتخصيصهم بمزيد نعمة حصل لهم بها الإيمان دون الكافرين؛ هو من نعمته، كما قال تعالى:{وَلَكِنَّ الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِّنَ الله وَنِعْمَةً} [الحجرات: 7- 8].
فجميع ما يتقلب فيه العالم من خيري الدنيا والآخرة، هو نعمة محضة منه، بلا سبب سابق يوجب لهم حقاً، ولا حول ولا قوة لهم من أنفسهم إلا به، وهو خالق نفوسهم، وخالق أعمالها الصالحة وخالق الجزاء.
فقوله:{مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله}[النساء:79] حق من كل وجه، ظاهراً وباطناً على مذهب أهل السنة.
وأما السيئة: فلا تكون إلا بذنب العبد، وذنبه من نفسه.وهو لم يقل: إني لم أقدر ذلك ولم أخلقه، بل ذكر للناس ما ينفعهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الرابع عشر.