حكم من مات وعليه قضاء من رمضان
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
- التصنيفات: فقه الصيام -
السؤال: رجل يسأل عمن توفي وعليه أيام من رمضان لم يقضها: فهل يأثم بذلك، وهل
يصام عنه أم يُطعَم؟
الإجابة: الذي توفي وعليه أيام من رمضان لم يقضها: إذا كان ذلك ناشئا عن تفريط،
فإنه آثم. ولا يأثم إذا لم يكن مفرطا. والأمر في ذلك واضح.
وأما التكفير عمن مات وعليه شيء من رمضان ولم يقضه، فيتوقف على أن لا يكون تَرْكُهُ القضاءَ لعذر: من مرض، أو كبَر، أو عجز عن الصوم. فإذا كان لعذر من هذه الأعذار فلا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم. واستدل ابن قدامة (1) لذلك بأن الصوم حق لله تعالى، وجب بالشرع، مات من يجب عليه قبل إمكان فعله، فسقط إلى غير بدل، كالحج.
وإن كان تَرْكُهُ القضاءَ إلى أن مات؛ ناشئا عن التفريط فيه، فالتكفير عنه بالإطعام هو قول أكثر أهل العلم. فممن ذهب إليه من أجلّة الصحابة: عائشة، وابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، أما عائشة رضي الله عنها فأخرج البيهقي في (سننه الكبرى) (2) عنها أنها قالت: "لا تصوموا عن موتاكم، وأطعموا عنهم". والمراد: صوم قضاء رمضان؛ بدليل ما جاء عنها في رواية أخرى (3) أنها قالت: "يُطْعَم عن الميت في قضاء رمضان ولا يصام عنه".
وأما ابن عمر فقد ثبت عنه (4) أنه قال: "من مات وعليه صيام شهر رمضان، فليُطْعَمْ عنه مكان كل يوم مسكينا"، وروي هذا الحديث عن ابن عمر مرفوعا. ولا يصح رفعه كما بينه الترمذي في (جامعه) (5)، والبيهقي في (سننه الكبرى) (6) إنما هو من قول ابن عمر نفسه.
وأما ابن عباس رضي الله عنهما فأخرج عبد الرزاق في (مصنفه) (7) عنه أنه قال في رجل مات وعليه رمضان، قال: "يُطْعَم عنه ثلاثون مسكينا".
وإلى الإطعام عن الميت دون الصيام عنه في هذه الحالة، ذهب مالك، والليث، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وابن عُليّة، وأبو عبيد في الصحيح عنهم، كما نص عليه الموفق ابن قدامة في (المغني) (8).
ولا يرد على هذا ما رواه البخاري ومسلم (9) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "، لأن هذا الحديث إنما يُحمل على النذر؛ لأمرين:
- أحدهما: مجيئه مصحوبا به في بعض ألفاظه، كما رواه البخاري (10) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ قال: " " قالت: نعم، قال: " ".
- والثاني: قول عائشة وابن عباس راويي ذلك الحديث، بقَصْر الصوم على النذر.
ولهذا اختار الإمام أحمد وإسحاق هذا المسلك.
فقالا -كما نص عليه الترمذي في (الجامع)-: إذا كان على الميت نذر صيام يصام عنه، وإذا كان عليه قضاء رمضان أُطعم عنه.أ.هـ.
▪ والخلاصة: أن من لم يتمكن من قضاء ما عليه من رمضان؛ لعذر من الأعذار المبيحة للفطر إلى أن مات لا يأثم، ولا يكفر عنه، ومن تمكن من القضاء، وفرط فيه إلى أن مات يكفر عنه. والله أعلم.
___________________________________________
1 - انظر (المغني) (4/ 398).
2 - (4/ 257) معلقا.
3 - في (شرح مشكل الآثار للطحاوي) (6/ 178): عن عمرة ابنة عبد الرحمن قالت: سألتُ عائشة رضي الله عنها فقلت لها: إن أمي توفيت وعليها رمضان، أيصلح أن أقضي عنها؟ فقالت: " "، وكذلك في (6/ 179).
4 - البيهقي (4/ 254)، والدارقطني (2/ 196).
5 - (718).
6 - (4 / 254).
7 - (4/ 240).
8 - (4/ 398).
9 - البخاري (1952)، ومسلم (1147).
10 - البخاري (1953) بنحوه، واللفظ لمسلم (1148).
وأما التكفير عمن مات وعليه شيء من رمضان ولم يقضه، فيتوقف على أن لا يكون تَرْكُهُ القضاءَ لعذر: من مرض، أو كبَر، أو عجز عن الصوم. فإذا كان لعذر من هذه الأعذار فلا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم. واستدل ابن قدامة (1) لذلك بأن الصوم حق لله تعالى، وجب بالشرع، مات من يجب عليه قبل إمكان فعله، فسقط إلى غير بدل، كالحج.
وإن كان تَرْكُهُ القضاءَ إلى أن مات؛ ناشئا عن التفريط فيه، فالتكفير عنه بالإطعام هو قول أكثر أهل العلم. فممن ذهب إليه من أجلّة الصحابة: عائشة، وابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، أما عائشة رضي الله عنها فأخرج البيهقي في (سننه الكبرى) (2) عنها أنها قالت: "لا تصوموا عن موتاكم، وأطعموا عنهم". والمراد: صوم قضاء رمضان؛ بدليل ما جاء عنها في رواية أخرى (3) أنها قالت: "يُطْعَم عن الميت في قضاء رمضان ولا يصام عنه".
وأما ابن عمر فقد ثبت عنه (4) أنه قال: "من مات وعليه صيام شهر رمضان، فليُطْعَمْ عنه مكان كل يوم مسكينا"، وروي هذا الحديث عن ابن عمر مرفوعا. ولا يصح رفعه كما بينه الترمذي في (جامعه) (5)، والبيهقي في (سننه الكبرى) (6) إنما هو من قول ابن عمر نفسه.
وأما ابن عباس رضي الله عنهما فأخرج عبد الرزاق في (مصنفه) (7) عنه أنه قال في رجل مات وعليه رمضان، قال: "يُطْعَم عنه ثلاثون مسكينا".
وإلى الإطعام عن الميت دون الصيام عنه في هذه الحالة، ذهب مالك، والليث، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وابن عُليّة، وأبو عبيد في الصحيح عنهم، كما نص عليه الموفق ابن قدامة في (المغني) (8).
ولا يرد على هذا ما رواه البخاري ومسلم (9) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "، لأن هذا الحديث إنما يُحمل على النذر؛ لأمرين:
- أحدهما: مجيئه مصحوبا به في بعض ألفاظه، كما رواه البخاري (10) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ قال: " " قالت: نعم، قال: " ".
- والثاني: قول عائشة وابن عباس راويي ذلك الحديث، بقَصْر الصوم على النذر.
ولهذا اختار الإمام أحمد وإسحاق هذا المسلك.
فقالا -كما نص عليه الترمذي في (الجامع)-: إذا كان على الميت نذر صيام يصام عنه، وإذا كان عليه قضاء رمضان أُطعم عنه.أ.هـ.
▪ والخلاصة: أن من لم يتمكن من قضاء ما عليه من رمضان؛ لعذر من الأعذار المبيحة للفطر إلى أن مات لا يأثم، ولا يكفر عنه، ومن تمكن من القضاء، وفرط فيه إلى أن مات يكفر عنه. والله أعلم.
___________________________________________
1 - انظر (المغني) (4/ 398).
2 - (4/ 257) معلقا.
3 - في (شرح مشكل الآثار للطحاوي) (6/ 178): عن عمرة ابنة عبد الرحمن قالت: سألتُ عائشة رضي الله عنها فقلت لها: إن أمي توفيت وعليها رمضان، أيصلح أن أقضي عنها؟ فقالت: " "، وكذلك في (6/ 179).
4 - البيهقي (4/ 254)، والدارقطني (2/ 196).
5 - (718).
6 - (4 / 254).
7 - (4/ 240).
8 - (4/ 398).
9 - البخاري (1952)، ومسلم (1147).
10 - البخاري (1953) بنحوه، واللفظ لمسلم (1148).