الـتـثـاؤب

عبد الله بن عبد العزيز العقيل

  • التصنيفات: آداب عامة -
السؤال: ذكر رجل أنه تثاءب عند جماعة، فضحكوا منه، وقالوا: التثاؤب مكروه يبغضه الله، فلا تتثاءب فعجبت من قولهم؛ لأن الناس يتثاءبون ولا أحد ينكر عليهم، وقد سألتهم عن معنى قولهم: التثاؤب مكروه والله يبغضه، فما أفادوني بشيء. فهل ذلك صحيح؟
الإجابة: التثاؤب بالهمزة معروف، وهو فترة تعتري الشخص، فيفتح عندها فاه. وتثاوب بالواو عامي، قاله الحجاوي في لغة (إقناعه). قال العلماء: يسن للإنسان إذا تثاءب أن يكظم فاه، والكظم: مسك فمه وانطباقه؛ لئلا ينفتح، مهما استطاع، فإن غلبه التثاؤب غطى فمه بكمه أو بيده أو بغيرها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع" (1)، وفي رواية: "فليضع يده على فمه؛ فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب" (2). قال في (الآداب الكبرى): "من تثاءب كظم ما استطاع، وأمسك يده على فمه، أو غطاه بكمه، أو غيره إن غلب عليه التثاؤب، ولا يزيل يده عن فمه، حتى يفرغ تثاؤبه...، ويكره إظهاره بين الناس مع القدرة على كفه (3). وعدم إظهاره بنحو: "هاه"، أو "آخ"، وما له هجاء، وإن كان ذلك في صلاة يعني: إظهار ما له حروف هجاء أبطلها؛ لأنه كالكلام.
ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم، فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب، ضحك منه الشيطان" (4). وفيه: "إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا تثاءب أحدكم، فليرده ما استطاع، ولا يقل: هاه؛ فإن ذلك من الشيطان؛ يضحك منه" (5) (رواه الإمام أحمد، ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم)، والبخاري؛ ولفظه: "إذا تثاءب أحدكم في الصلاة"، وفي الحديث الآخر: "العطاس من الله، والتثاؤب من الشيطان" (6)، قال في (النهاية): إنما أحب العطاس؛ لأنه يكون مع خفة البدن، وانفتاح المسام، وتيسر الحركات، والتثاؤب بخلافه (7). انتهى.

___________________________________________

1 - البخاري (6223)، ومسلم (2995)، وأحمد (2/ 265، 428).
2 - مسلم (2995)، وأبو داود (5026).
3 - (الآداب الشرعية): (2/ 329، 330).
4 - البخاري (6226).
5 - أحمد (2/ 428)، ونحوه عند البخاري (6223)، ومسلم (2995)، وأبو داود (5028)، والترمذي (2746) (2747).
6 - الترمذي (2746).
7 - (النهاية في غريب الحديث والأثر) لابن الأثير (3/ 256).