الكلام على العولمة

محمد الحسن الددو الشنقيطي

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
السؤال: هل يمكن أن يستفيد الإسلام من العولمة، مع العلم أن الإسلام دين عالمي أو بمعنى آخر شمولي؟
الإجابة: بالنسبة للعولمة هي نتيجة فكرة تصادم الحضارات التي هي فكرة لعالم صهيوني أمريكي من كبار المخططين للسياسة الأمريكية، وما زال حتى الآن يعتمد عليه الكونجرس الأمريكي في سياساته، وهو يرى أن هذه الحضارات دائماً لا بد أن تتصارع، وأن أية حضارة أرادت أن تقوم لابد أن تصدم الحضارات الأخرى وتقضي عليها، وبهذا يقول إن النظام العالمي الجديد لا يقوم إلا على أنقاض الحضارات الأخرى، والعهدة عليه هو فيقول: فقد حطم النظام الاشتراكي الشيوعي وهو الآن سيحطم الحضارة الإسلامية ثم يقوم على أنقاضها، ومن أجل هذا جاء المنهزمون فأقاموا فكرة العولمة التي يقصد بها أن هذه الشعوب ينبغي أن تكون لها قيمة واحدة فتنظر إلى أرقى القيم وأرقى الشعوب فتأخذ بحضارتها، وتنقل قيمها وتجربتها وتندمج فيها!! وهذا يقتضي أن ننقل نحن حضارة الأمريكان إلى بلادنا، وأن ننقل تقاليدهم وأعرافهم هذا معنى العولمة.

وهي في غاية السذاجة والتفاهة، ومن أجل ذلك فهي مخالفة للفطرة، ومخالفة لقناعات الشعوب ومخالفة لدياناتها، ولذلك فالذي يراد ويخطط له أن تكون هذه العولمة قانوناً دولياً يفرض عليه بقوة السلاح، وقديماً كان القانونيون يزعمون أن القانون الدولي ليس قانوناً لأن القانون من خصائص المادة القانونية فيه أنها ملزمة أو مكملة، ومواد القانون الدولي لم تكن ملزمة حتى جاءت حرب الخليج فأجبر العراقيون بالقوة على تنفيذ القانون الدولي!! ومن هنا بدأ الإلزام بالقانون الدولي ولكن هذا الإلزام كان أعرج يسير على جانب واحد، فإذا جاء الضرر فيه على الغربيين أو الأمريكان توقف ورجع القانون الدولي إلى قواعده سالماً ولم يرد تحكيمه بالقوة، وإذا تضرر به الضعفاء طبق عليهم بالقوة، وأنتم ترون الحصار المفروض على السودان وعلى ليبيا وعلى العراق بل الحصار المضروب على بلاد الإسلام كلها بمنع التكنلوجيا المتطورة من الوصول إليها.

كذلك الحصار المفروض على الصناعات الذي وقعت عليه البلدان الإسلامية كلها في منظمة الْجاتْ، فقد وقع جميع رؤساء العالم الإسلامي على قانون منظمة الجات، وهذا القانون أعد خلال سبعة وثلاثين سنة ولم يشارك في وضعه أحد من المسلمين، ولا أحد من بلدان العالم الثالث، وقد جاءت وثائقه إلى المغرب عندما فرض على الناس التوقيع عليه في أربع حاويات أربع كونتنيرات مليئة بالوثائق، فهل تظنون أن الرؤساء جلسوا في الدار البيضاء أربعة أيام فقرأوا فيها أربعة كونتينيرات من الوثائق مكتوبة باللغة الإنجليزية، تعرفون أنهم لم يقرءوا شيئاً، وإنما قيل لهم وقعوا فوقعوا، والواقع أننا في تصفحنا المبدئي لكثير من قوانين الجات نشاهد الظلم الفاحش والاضطهاد السافر للشعوب المستضعفة، فإن مبنى القانون كما يزعمون على المساواة ويقولون الأصل إلغاء الضريبة الجمركية وتشجيع صناعات العالم كلها، فالضريبة الجمركية في الأصل تعتمد على أصل اقتصادي وهو تشجيع الصناعة في البلد وتشجيع منتجات البلد، فهذا البلد مثلاً بلد متخلف، صناعاته لا يمكن أن تغزو أسواق اليابان ولا أسواق الولايات المتحدة، صناعاتنا نحن مستهلكها وسوقها هنا عندنا، فإذا ألغيت الضرائب الجمركية على البضائع المستوردة من الخارج فإن الصناعات الأخرى أقوى من صناعاتنا وستنافسها في السعر لأن لديهم المصانع القوية التي تنتج أكثر إنتاج وأرقى نوعية وبذلك يمكن أن يحطموا الصناعات المحلية.

فإذا كنت أنت تعلم أنك إذا أقمت مشروعاً لصناعة السيارات مثلاً في انواكشوط ستكون سياراتك في البداية ضعيفة لأنها تجربة في البداية، وسيكون سعرها باهظاً لأن تكاليفها باهظة في البداية، لكنها ستنافسها السيارات اليابانية والأمريكية والفرنسية والألمانية الفارهة، فإن مشروعك سيوأد في المهد، ولن يقوم أبداً، وهذا الذي قصدوه فهم أخذوا مفاتيح الصناعة، وقامت مصانعهم بالواجب، فأرادوا أن يمنعوا الآخرين من الصناعة مطلقاً، ولذلك جن جنونهم حين فجرت الباكستان القنابل الذرية، وأرادوا بهذه الاتفاقية أن يمنعوا حصول أية صناعة في العالم المتخلف، يريدون أن تبقى الدول المصنعة سبع دول فقط لا تعدوها الصناعة، إذا تعداها شيء ترك لبعض البلدان الأوروبية التي تتفق معها بلدان أوروبا على نوع من الصناعات يترك لها، مثلا النرويج وهولندا، هولندا أخبث بلد في العالم من ناحية الفساد، فما عرفنا عاصمة في العالم أخبث من عاصمة هذا البلد، يباح فيها بيع المخدرات بالقانون، يجوز للإنسان يومياً أن يشتري غرامين من المخدرات، وباعة المخدرات على الشوارع يبيعونها، وأنواع الفساد الأخرى في الشوارع مثل تهارج الحمر، واقتصادها ضعيف وأخلاقها منحلة وليست لها قيم، لكن الأوروبيين ساعدوا إخوانهم وإخوان القردة والخنازير فيها فدعموهم فيما يتعلق بصناعة الألبان والأجبان والمواد المصنعة من الحليب مطلقاً فتركوها للهولنديين، الدهون والزيوت النباتية وغيرها، وكذلك النرويج بلد ضعيف ومتخلف ولكن الأوروبيين ساعدوه فتركوا له صناعات الكيك والحلوى وغير ذلك من الصناعات الغذائية، وكذلك إيطاليا فإنها وإن كان منها بعض العباقرة الذين اكتشفوا كثيرا من الأمور، فمثلاً أول سيارة صنعت صنعت فيها، وأول اكتشاف للكهرباء كان مكتشفه منها، وأول اكتشاف لبث الراديو اكتشف فيها أيضاً لكنها بلد متخلف ومع ذلك فإن الأوروبيين تركوا لها صناعة الجلود والنعال ليشجعوها في ذلك.

أما البلدان الإسلامية فعندما قامت الصناعات في مصر حطمت هذه الصناعات ووئدت في مهدها، وعندما قامت صناعة السيارات في سوريا ضربت ضربة قاصمة قاضية، وعندما قامت صناعة الطائرات في أندنوسيا ضرب اقتصاد أندنوسيا الضربة الحالية، وعندما قامت الصناعات المتطورة في ماليزيا حصل الضرب الحالي في اقتصادها، وكذلك الصناعات الحربية المتطورة في العراق رأيتم كيف دمرت وهكذا، فلا يريدون أن تقوم أية صناعة نافعة في أي بلد من بلدان العالم غير هذه البلدان، ولهذا عندما قام الأستاذ المهندس نجم الدين أربكان بفكرته الجادة النافعة في إحداث سوق إسلامية مشتركة على غرار السوق الأوروبية المشتركة ودعا لها الدول السبع الإسلامية الكبرى وأراد أن تكون صناعة إسلامية جادة، وأن تتعاون فيما بينها ونظر ذلك وأتى فيه بنظرية اقتصادية محكمة جن جنون الغربيين والأمريكان فواصلوا الضغوط على الجيش التركي حتى أرغموه على الاستقالة والتنحي عن منصبه ووئدت الفكرة!!

وهذا من مؤامراتهم التي لا تنقضي ولا تنتهي، ولا تزال تتابع على المسلمين وهم يريدون إبقاءهم على حالهم، بل إنهم يعلمون أن المسلمين لم يبق لهم من وسائل القوة إلا انتشار العدد العدد البشري فقط، فالعدد عامل قوة، فأرادوا بذلك أيضا تقليل النسل وأقاموا لهذا المشاريع داخل البلدان الإسلامية، فهذه المنظمة التي لديكم هنا فرع منها في انواكشوط وفي كثير من بلدان العالم الإسلامي (جمعية ترقية أسرة)، يقصد بها تقليل نسلكم وتقليل أعدادكم إذ لم يبق لديكم من القوة إلا هذا، ليس لديكم أي قوة إلا النسل والعدد وهم يريدون القضاء على هذه القوة حتى تحتاجوا إلى اليد العاملة، وبالتالي تشترون الأجهزة المغنية عن اليد العاملة، في بريطانيا لم تعد اليد العاملة محتاجاً إليها لأن الصناعات تغني عن كل شيء، الإنسان الواحد يمكن أن يقوم بأمور البيت كلها لأنه لا يحتاج إلى غسل البيت بيده ولا غسل الأواني بيده ولا غسل الملابس بيده ولا تحضير أي شيء بيده كل شيء بآلة وماكنة مجهزة بهذا، وهم يريدون أن يغزوكم بهذا وأنتم لا تستطيعون تصنيع شيء منه، وإنما يريدون أن يفتحوا سوقاً لديهم لتستوردوا بضائعهم وتكنلوجياهم فهم يأخذون المواد الخام منكم ويصنعونها ثم يبيعونها إليكم بأغلى الأثمان، فيستنزفون عرقكم بذلك، وهذا الواقع الذي هو مر وينبغي أن تنتبهوا له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.