حكم الكلام القليل والإمام يخطب

عبد الله بن عبد العزيز العقيل

  • التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال: إذا شرع الإمام بالخطبة يوم الجمعة، وبدا لي حاجة إلى الكلام: كأن سمعت أناسا يلعبون فنصحتهم، أو بلغت الإمام بنصحهم، أو رأيت أعمى سيسقط مع الدرج فيتكسر. فهل أصوت له وأحذره؟ وكذلك إذا سمعت الإمام يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، أو يدعو؟ فهل أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وأؤمن على دعائه، أم أنصت؟ وكذلك لو عطست. فهل أقول: الحمد لله أم أسكت؟ ولو شمَّتني مَنْ حولي، فهل أرد عليه؟ أم أسكت، وإذا عطس مَن بجانبي أو سلّم عليّ. فهل أشمته وأرد عليه السلام؟ أم أسكت؟.. نرجو الإجابة المفيدة؛ لأن هذه المسائل كثيرة الوقوع.
الإجابة: الحمد لله وحده. نلخص لك الجواب من (الإقناع) و(شرحه) للشيخ منصور البهوتي رحمه الله قال: إذا شرع الإمام في الخطبتين حرم على من يسمعه أن يتكلم؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وأَنصِتُوا} (1)، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "من قال يوم الجمعة: لصاحبه: صه؛ فقد لغى، ومن لغى فليس له في جمعته تلك شيء" (رواه أحمد، وأبو داود) (2)، ولقوله عليه الصلاة والسلام في خبر ابن عباس: "والذي يقول له: أنصت، ليس له جمعة" (رواه أحمد (3) من رواية مجالد، وهو ضعيف). ومعنى قوله: "لا جمعة له"، أي لا تكتب له جمعة كاملة. وليس المراد أن عليه قضاءها.

ولقوله عليه الصلاة والسلام لأبي الدرداء: "إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ" (رواه أحمد) (4).

ويستثنى من ذلك من أراد أن يتكلم مع الخطيب، أو أن الخطيب يكلمه لمصلحة، فلا يحرم عليهما ذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كلم سُلَيْكًا (5) وهو يخطب، وكَلّمه هو (رواه ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) (6)، وسأل عثمانَ عمرُ وهو يخطب؛ فأجابه (7) وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم الاستسقاء (8)؛ ولأنه -حَالَ كلامِه وكلامِ الإمام إياه- لا يشتغل عن سماع الخطبة.

وإذا سمع الإنسان أحدا يتكلم؛ فإنه يُسكته، لكن بغير كلام، بل يشير إليه إشارة مفهومة، كأن يضع أصبعه على فمه، ونحو ذلك مما يفهم منه السكوت؛ لأن الإشارة تجوز في الصلاة المكتوبة للحاجة. فالخطبة من باب أولى.

أما لو كان الكلام لتحذير ضرير، أو غافل عن بئر أو عن هلكة، أو من يخاف عليه نارًا أو حية ونحوه مما يقتله أو يضره، فإنه في مثل هذه الحالة واجب؛ لعموم حقوق المسلم على المسلم، ولأن الإنسان إذا كان في الصلاة شُرع له قطعها في مثل هذه الحالة. فالخطبة من باب أولى.

وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر ذكره، فيصلي عليه سرا. وله التأمين على دعاء الخطيب سرا -اتفاقا- قاله الشيخ. وفي (التنقيح) و(المنتهى) (9): وله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعها، وتُسَنُّ سرًّا. أما السلام، فلا يسلم مَنْ دخل على الإمام، ولا غيره؛ لانشغالهم بالخطبة، واستماعها. وله أن يحمد الله خفية إذا عطس -نصا- وتشميت عاطس، ورد سلام، نطقا خفية؛ لأنه مأمور به لحق آدمي. قاله في (المبدع)، انتهى من (الإقناع) و(شرحه) بتصرف، والله أعلم.

___________________________________________

1 - سورة الأعراف: الآية (204).
2 - أحمد (1/93)، وأبو داود (1051).
3 - أحمد (1/ 230)، والطبراني (12 / 90) وإسناده ضعيف.
4 - (5/ 198).
5 - هو سليك الغَطَفاني.
6 - ابن ماجه (114) من حديث أبي هريرة وجابر، ومسلم من حديث جابر فقط (875).
7 - مسلم (845)، وابن خزيمة (1748).
8 - البخاري (1013)، ومسلم (897).
9 - انظر (شرح المنتهى) (1/ 304).