ما دواء جمود العين وقسوة القلب
محمد الحسن الددو الشنقيطي
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
السؤال: ما دواء جمود العين وقسوة القلب
الإجابة: الله المستعان هذا داؤنا جميعاً، ولا شك أن من دوائه تذكر الآخرة
والبعث بعد الموت، وتذكر الموت، تذكر القبر وأحوال أهل القبور، وزيارة
القبور كذلك، وكذلك التفكر فيما فرط فيه الإنسان في جنب الله، فكثير
من جمود عيوننا سببه نسيانناً لذنوبنا، إذا تذكر الإنسان الأيام
الخاليات التي قصر فيها في كثير من الأمور، فعل فيها بعض ما نهى الله
عنه، وترك كثيراً مما أمر الله به، وكان سيء المعاملة مع ربه جل جلاله
الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء
الليل، وقد عاملنا بالإحسان والإكرام وأنعم علينا بأنواع النعم، وهو
جل جلاله الغني عنا، ومع ذلك يفتح لنا أبوابه فنوليها ظهورنا، ويقبل
علينا فنعرض عنه، فكل هذه الأمور مما قصرنا فيه في جنب الله وفرطنا
فيه في جنب الله، لا شك أنها مما تعين على البكاء من خشية الله
وخوفه.
وكذلك تذكر أيام الله في السالفين الخالين الذين أهلكهم الله بذنوبهم، فما أهون الأرض وأهلها على الله إذا عصوه، فإذا تذكرت من أخذهم الله تعالى وكيف كان أخذه الوبيل لطغاة أهل الأرض وإهلاكه لأعدائه وتذكرت أنه قادر على ذلك في كل زمان ومكان، وأن قدرته لا يعجزها شيء، فهو الذي أهلك عاداً حين سخر عليهم الريح العقيم ثمانية أيام حسوماً، وأهلك قبلهم قوم نوح حين أمر السماء فانفتحت أبوابها بالماء المنهمر، وأمر الأرض فتفجرت عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر، وهو الذي أهلك ثمود بعد ذلك بصيحة واحدة شقت أشغفة قلوبهم، وهو الذي أهلك قوم لوط حين أرسل عليهم الحاصب فرفع قريتهم حتى سمع أهل السماء أصوات كلابهم ثم ردها على الأرض ثم أتبعهم بحجارة من سجيل، وهو الذي أهلك الأمم السالفة والقرون المتطاولة، فأين فرعون وجنوده لحظة واحدة بين الكاف والنون أمر الله البحر فالتطم عليهم فصاروا أثرا بعد عين:
فكل هذا مما يزيد الإنسان خوفاً من الله سبحانه وتعالى، والبكاء من خشية الله سببه الخوف.
ونحن نعلم أن البكاء أنواع، فمنه ما يحصل من التأثر من غير خشية، كالطامع الراجي إذا سأل وألح في الدعاء في مسألته فإنه يبكي وليس ذلك البكاء من خشية الله، بل هو بكاء من الطمع لأنه راغب في حاجته، وكذلك في بعض الأحيان اتعاظ الإنسان بسماع الصوت الصوت المؤثر، إذا قرئت عليه هذه الآية بصوت ندي تأثر بذلك الصوت، وإذا سمعها من غير هذا القارئ لم يتأثر بها، فهذا تأثر بالصوت أيضاً، وليس تأثراً بالمعنى، لكن أهم ما يدل على أن البكاء من خشية الله إذا كان الإنسان يذكر الله خالياً فتفيض عيناه، ولذلك فهو من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ورجل ذكر الله خالياً، ليس تحت أي ضغط ولا أي تأثير ولا سماع أي صوت ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، فهذا هو ميزان كون البكاء من خشية الله.
ولا شك أن الإنسان كلما ازداد معرفة بالله ازداد خشية له، فلذلك يحتاج الإنسان إلى الازدياد من خشية الله سبحانه وتعالى، وسماع المواعظ بالدوام مما يعين على البكاء من خشية الله، فإذا كان الإنسان يمر عليه ثلاث جمع لم يبك صعب عليه البكاء بعد ذلك لأن قلب الإنسان إذا تخلف عن ثلاث جمع يختم عليه بطابع النفاق ويكتب من الغافلين كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هنا فإن تغذية القلوب هي الوعظ والذكرى، وإذا عدمها الإنسان مات قلبه.
ونحن جميعا نحتاج إلى مراجعة دائمة لقلوبنا فهي تموت دون أن نشعر وتصاب بأمراض خطيرة دون أن ننتبه لها، فنحتاج إلى فحوص دائمة لقلوبنا، وهذه الفحوص منها تذكر حال الإنسان عندما يأتيه أمر الله أو نهيه، ماذا يجد نفسه، إذا وجد نفسه مطيعة للأمر مبادرة إليه، ووجد نفسه متأبية على المعصية لا تنساق إليها فالحمد لله القلب ما زال حيا، أما إذا وجد نفسه عند الأمر كأنه لم يوجه إليه شيء، يسمع حي على الصلاة حي على الفلاح، يسمع منادي الله ينادي في أي أمر من الأمور فلا يتحرك له شعور، هذا القلب ميت، وكذلك إذا كان يجد نفسه منساقة وراء كل ناعق من دعاة المعصية، فهذا لا شك أن قلبه ميت، ويحتاج إلى نفخ الروح فيه من جديد بالذكرى ومتابعة الموعظة.
ولا شك أن مما يعين كذلك على البكاء من خشية الله تعالى صحبة أهل الصلاح والالتزام، فملازمة الإنسان للصالحين مما يعينه على الصلاح، وقد قال الله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، فملازمة الإنسان لأهل الصدق والإخلاص مما يعينه على البكاء من خشية الله، ويعالج قسوة قلبه وجمود دمعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
وكذلك تذكر أيام الله في السالفين الخالين الذين أهلكهم الله بذنوبهم، فما أهون الأرض وأهلها على الله إذا عصوه، فإذا تذكرت من أخذهم الله تعالى وكيف كان أخذه الوبيل لطغاة أهل الأرض وإهلاكه لأعدائه وتذكرت أنه قادر على ذلك في كل زمان ومكان، وأن قدرته لا يعجزها شيء، فهو الذي أهلك عاداً حين سخر عليهم الريح العقيم ثمانية أيام حسوماً، وأهلك قبلهم قوم نوح حين أمر السماء فانفتحت أبوابها بالماء المنهمر، وأمر الأرض فتفجرت عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر، وهو الذي أهلك ثمود بعد ذلك بصيحة واحدة شقت أشغفة قلوبهم، وهو الذي أهلك قوم لوط حين أرسل عليهم الحاصب فرفع قريتهم حتى سمع أهل السماء أصوات كلابهم ثم ردها على الأرض ثم أتبعهم بحجارة من سجيل، وهو الذي أهلك الأمم السالفة والقرون المتطاولة، فأين فرعون وجنوده لحظة واحدة بين الكاف والنون أمر الله البحر فالتطم عليهم فصاروا أثرا بعد عين:
كأن لم يكونوا حمى يتقى إذ الناس إذ
ذاك من عز بزا
فكل هذا مما يزيد الإنسان خوفاً من الله سبحانه وتعالى، والبكاء من خشية الله سببه الخوف.
ونحن نعلم أن البكاء أنواع، فمنه ما يحصل من التأثر من غير خشية، كالطامع الراجي إذا سأل وألح في الدعاء في مسألته فإنه يبكي وليس ذلك البكاء من خشية الله، بل هو بكاء من الطمع لأنه راغب في حاجته، وكذلك في بعض الأحيان اتعاظ الإنسان بسماع الصوت الصوت المؤثر، إذا قرئت عليه هذه الآية بصوت ندي تأثر بذلك الصوت، وإذا سمعها من غير هذا القارئ لم يتأثر بها، فهذا تأثر بالصوت أيضاً، وليس تأثراً بالمعنى، لكن أهم ما يدل على أن البكاء من خشية الله إذا كان الإنسان يذكر الله خالياً فتفيض عيناه، ولذلك فهو من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ورجل ذكر الله خالياً، ليس تحت أي ضغط ولا أي تأثير ولا سماع أي صوت ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، فهذا هو ميزان كون البكاء من خشية الله.
ولا شك أن الإنسان كلما ازداد معرفة بالله ازداد خشية له، فلذلك يحتاج الإنسان إلى الازدياد من خشية الله سبحانه وتعالى، وسماع المواعظ بالدوام مما يعين على البكاء من خشية الله، فإذا كان الإنسان يمر عليه ثلاث جمع لم يبك صعب عليه البكاء بعد ذلك لأن قلب الإنسان إذا تخلف عن ثلاث جمع يختم عليه بطابع النفاق ويكتب من الغافلين كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هنا فإن تغذية القلوب هي الوعظ والذكرى، وإذا عدمها الإنسان مات قلبه.
ونحن جميعا نحتاج إلى مراجعة دائمة لقلوبنا فهي تموت دون أن نشعر وتصاب بأمراض خطيرة دون أن ننتبه لها، فنحتاج إلى فحوص دائمة لقلوبنا، وهذه الفحوص منها تذكر حال الإنسان عندما يأتيه أمر الله أو نهيه، ماذا يجد نفسه، إذا وجد نفسه مطيعة للأمر مبادرة إليه، ووجد نفسه متأبية على المعصية لا تنساق إليها فالحمد لله القلب ما زال حيا، أما إذا وجد نفسه عند الأمر كأنه لم يوجه إليه شيء، يسمع حي على الصلاة حي على الفلاح، يسمع منادي الله ينادي في أي أمر من الأمور فلا يتحرك له شعور، هذا القلب ميت، وكذلك إذا كان يجد نفسه منساقة وراء كل ناعق من دعاة المعصية، فهذا لا شك أن قلبه ميت، ويحتاج إلى نفخ الروح فيه من جديد بالذكرى ومتابعة الموعظة.
ولا شك أن مما يعين كذلك على البكاء من خشية الله تعالى صحبة أهل الصلاح والالتزام، فملازمة الإنسان للصالحين مما يعينه على الصلاح، وقد قال الله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، فملازمة الإنسان لأهل الصدق والإخلاص مما يعينه على البكاء من خشية الله، ويعالج قسوة قلبه وجمود دمعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.