حكم الصلاة جلوساً على الكرسي
حسام الدين عفانه
- التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال: صرنا نلاحظ كثرة المصلين في المساجد الذين يصلون جلوساً على الكراسي،
فما حكم صلاتهم؟
الإجابة: اتفق أهل العلم على أن القيام في صلاة الفريضة ركن من أركان الصلاة لا
تصح الصلاة إلا به مع القدرة عليه، لقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ
الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [سورة البقرة الآية
238]، ولما ورد في الحديث عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي
بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: " " (رواه البخاري).
قال الإمام الشوكاني: "وحديث عمران يدل على أنه يجوز لمن حصل له عذر لا يستطيع معه القيام أن يصلي قاعداً ولمن حصل له عذر لا يستطيع معه القعود أن يصلي على جنبه" (نيل الأوطار 3/225).
وبناءً على ذلك فإن من صلى الفريضة جالساً وهو قادر على القيام فصلاته باطلة.
وقد اتفق أهل العلم على أن المريض الذي لا يستطيع القيام فإنه يصلي قاعداً ويركع ويسجد إذا قدر عليهما، فإن لم يستطع الركوع والسجود فإنه يصلي مومياً ويجعل سجوده أخفض من ركوعه لأن المشقة تجلب التيسير، ومن المعلوم أن رفع الحرج ودفع المشقة أصل قطعي من أصول الشريعة ودلت عليه أدلة كثيرة منها قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلا وُسْعَهَا} [سورة البقرة الآية 286]، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن الآية 61]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " " (رواه البخاري ومسلم)، وغير ذلك من النصوص.
. ومما يدل على جواز صلاة الفريضة قاعداً عند العجز عن القيام قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران السابق: " "، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ركب فرساً فصرع عنه فجحش -أي جُرح- شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد..." (رواه البخاري ومسلم)، وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان كثير من صلاته وهو جالس (رواه مسلم).
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: "أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً" (المغني 2/106).
وقال الإمام النووي: "...أجمعت الأمة علي أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاها قاعداً ولا إعادة عليه، قال أصحابنا ولا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام لأنه معذور وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "" (المجموع 4/310).
.. ويجب أن يعلم أن من قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائماً ثم إذا استطاع الركوع فيجب عليه الركوع وإن لم يستطع جلس وأومأ بالركوع ثم يومئ بالسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه. قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: "ومن قدر على القيام، وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام. ويصلي قائماً فيومئ بالركوع. ثم يجلس فيومئ بالسجود"، وبهذا قال الشافعي ... ولنا قوله الله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [سورة البقرة الآية 238]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " "، ولأن القيام ركن قدر عليه، فلزمه الإتيان به كالقراءة. والعجز عن غيره لا يقتضي سقوطه كما لو عجز عن القراءة" (المغني 2/107).
ويجب أن يعلم أن حدَّ المرض الذي يجيز للمريض أن يصلي قاعداً هو أن يخاف المريض مشقة شديدة أو زيادة المرض أو تباطؤ برئه. قال الإمام النووي: "قال أصحابنا ولا يشترط في العجز أن لا يتأتى القيام ولا يكفى أدنى مشقة بل المعتبر المشقة الظاهرة فإذا خاف مشقةً شديدةً أو زيادة مرض أو نحو ذلك أو خاف راكب السفينة الغرق أو دوران الرأس صلى قاعداً ولا إعادة" (المجموع 4/310)، وقال الإمام الشوكاني: "والمعتبر في عدم الاستطاعة عند الشافعية هو المشقة أو خوف زيادة المرض أو الهلاك لا مجرد التألم فإنه لا يبيح ذلك عند الجمهور" (نيل الأوطار 3/225).
ويرى بعض أهل العلم أن ضابط ذلك يتعلق بالمشقة التي تذهب الخشوع: "قال إمام الحرمين: الذي أراه في ضبط العجز أن يلحقه بالقيام مشقة تذهب خشوعه لأن الخشوع مقصود الصلاة" (المجموع 4/310).
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين: "الضابط للمشقة: ما زال به الخشوع، والخشوع هو حضور القلب والطمأنينة، فإذا كان إذا قام قلق قلقاً عظيماً ولم يطمئن وتجده يتمنى أن يصل إلى آخر الفاتحة ليركع من شدة تحمله فهذا شق عليه القيام فيصلي قاعداً" (الشرح الممتع 4/461).
وروى عبد الرزاق بسنده عن عمر بن ميمون بن مهران عن أبيه قال: قيل له ما علامة ما يصلي المريض قاعداً؟ قال: إذا كان لا يستطيع أن يقوم لدنياه فليصل قاعداً (مصنف عبد الرزاق 2/473)، وعلى كل حال فإن المريض هو الذي يحدد قدرته على القيام أو القعود أو غير ذلك فإذا أطاق المريض الصلاة قاعداً صلى قاعداً فإن لم يستطع أن يصلي قاعداً صلى على قدر حاله بقدر ما يطيق على جنبه أو على ظهره ورجلاه مما يلي القبلة ووجهه مستقبل القبلة ويومئ إيماءً على قدر طاقته مستلقياً على قفاه وقدماه تجاه القبلة بحيث لو قام استقبل القبلة (انظر أحكام المريض ص 66).
.. وكل ما سبق في صلاة الفريضة، وأما صلاة النافلة فالأفضل فيها أن يصليها المصلي قائماً ويجوز فيها الجلوس حتى بغير عذر، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " (رواه البخاري)، وعن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن تطوعه؟ فقالت: "كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي ركعتين ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر، وكان يصلي ليلاً طويلاً قائماً وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ قاعداً ركع وسجد وهو قاعد وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين" (رواه مسلم).
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: " " (رواه البخاري، وقال: نائماً عندي مضطجعاً)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "حُدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "، قال: فأتيته فوجدته يصلي جالساً، فوضعت يدي على رأسه، فقال: مالك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حُدثت يا رسول الله أنك قلت: " "، وأنت تصلي قاعداً؟ قال: " " (رواه مسلم)، وغير ذلك من النصوص.
وخلاصة الأمر أن القيام في صلاة الفريضة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه لمن كان قادراً عليه، ومن عجز عن القيام صلى قاعداً أو على أي هيئة يستطيعها، وترك القيام رخصة للعاجز حقيقةً والرخص لا تؤتى إلا عند وجود العذر المجيز لفعلها فقط.
.. وأخيراً فإن بعض المصلين يتساهلون في هذه المسألة فيصلون قعوداً لغير عذر فهؤلاء صلاتهم باطلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
قال الإمام الشوكاني: "وحديث عمران يدل على أنه يجوز لمن حصل له عذر لا يستطيع معه القيام أن يصلي قاعداً ولمن حصل له عذر لا يستطيع معه القعود أن يصلي على جنبه" (نيل الأوطار 3/225).
وبناءً على ذلك فإن من صلى الفريضة جالساً وهو قادر على القيام فصلاته باطلة.
وقد اتفق أهل العلم على أن المريض الذي لا يستطيع القيام فإنه يصلي قاعداً ويركع ويسجد إذا قدر عليهما، فإن لم يستطع الركوع والسجود فإنه يصلي مومياً ويجعل سجوده أخفض من ركوعه لأن المشقة تجلب التيسير، ومن المعلوم أن رفع الحرج ودفع المشقة أصل قطعي من أصول الشريعة ودلت عليه أدلة كثيرة منها قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلا وُسْعَهَا} [سورة البقرة الآية 286]، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن الآية 61]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " " (رواه البخاري ومسلم)، وغير ذلك من النصوص.
. ومما يدل على جواز صلاة الفريضة قاعداً عند العجز عن القيام قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران السابق: " "، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ركب فرساً فصرع عنه فجحش -أي جُرح- شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد..." (رواه البخاري ومسلم)، وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان كثير من صلاته وهو جالس (رواه مسلم).
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: "أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً" (المغني 2/106).
وقال الإمام النووي: "...أجمعت الأمة علي أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاها قاعداً ولا إعادة عليه، قال أصحابنا ولا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام لأنه معذور وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "" (المجموع 4/310).
.. ويجب أن يعلم أن من قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائماً ثم إذا استطاع الركوع فيجب عليه الركوع وإن لم يستطع جلس وأومأ بالركوع ثم يومئ بالسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه. قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: "ومن قدر على القيام، وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام. ويصلي قائماً فيومئ بالركوع. ثم يجلس فيومئ بالسجود"، وبهذا قال الشافعي ... ولنا قوله الله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [سورة البقرة الآية 238]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " "، ولأن القيام ركن قدر عليه، فلزمه الإتيان به كالقراءة. والعجز عن غيره لا يقتضي سقوطه كما لو عجز عن القراءة" (المغني 2/107).
ويجب أن يعلم أن حدَّ المرض الذي يجيز للمريض أن يصلي قاعداً هو أن يخاف المريض مشقة شديدة أو زيادة المرض أو تباطؤ برئه. قال الإمام النووي: "قال أصحابنا ولا يشترط في العجز أن لا يتأتى القيام ولا يكفى أدنى مشقة بل المعتبر المشقة الظاهرة فإذا خاف مشقةً شديدةً أو زيادة مرض أو نحو ذلك أو خاف راكب السفينة الغرق أو دوران الرأس صلى قاعداً ولا إعادة" (المجموع 4/310)، وقال الإمام الشوكاني: "والمعتبر في عدم الاستطاعة عند الشافعية هو المشقة أو خوف زيادة المرض أو الهلاك لا مجرد التألم فإنه لا يبيح ذلك عند الجمهور" (نيل الأوطار 3/225).
ويرى بعض أهل العلم أن ضابط ذلك يتعلق بالمشقة التي تذهب الخشوع: "قال إمام الحرمين: الذي أراه في ضبط العجز أن يلحقه بالقيام مشقة تذهب خشوعه لأن الخشوع مقصود الصلاة" (المجموع 4/310).
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين: "الضابط للمشقة: ما زال به الخشوع، والخشوع هو حضور القلب والطمأنينة، فإذا كان إذا قام قلق قلقاً عظيماً ولم يطمئن وتجده يتمنى أن يصل إلى آخر الفاتحة ليركع من شدة تحمله فهذا شق عليه القيام فيصلي قاعداً" (الشرح الممتع 4/461).
وروى عبد الرزاق بسنده عن عمر بن ميمون بن مهران عن أبيه قال: قيل له ما علامة ما يصلي المريض قاعداً؟ قال: إذا كان لا يستطيع أن يقوم لدنياه فليصل قاعداً (مصنف عبد الرزاق 2/473)، وعلى كل حال فإن المريض هو الذي يحدد قدرته على القيام أو القعود أو غير ذلك فإذا أطاق المريض الصلاة قاعداً صلى قاعداً فإن لم يستطع أن يصلي قاعداً صلى على قدر حاله بقدر ما يطيق على جنبه أو على ظهره ورجلاه مما يلي القبلة ووجهه مستقبل القبلة ويومئ إيماءً على قدر طاقته مستلقياً على قفاه وقدماه تجاه القبلة بحيث لو قام استقبل القبلة (انظر أحكام المريض ص 66).
.. وكل ما سبق في صلاة الفريضة، وأما صلاة النافلة فالأفضل فيها أن يصليها المصلي قائماً ويجوز فيها الجلوس حتى بغير عذر، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " (رواه البخاري)، وعن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن تطوعه؟ فقالت: "كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي ركعتين ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر، وكان يصلي ليلاً طويلاً قائماً وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ قاعداً ركع وسجد وهو قاعد وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين" (رواه مسلم).
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: " " (رواه البخاري، وقال: نائماً عندي مضطجعاً)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "حُدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "، قال: فأتيته فوجدته يصلي جالساً، فوضعت يدي على رأسه، فقال: مالك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حُدثت يا رسول الله أنك قلت: " "، وأنت تصلي قاعداً؟ قال: " " (رواه مسلم)، وغير ذلك من النصوص.
وخلاصة الأمر أن القيام في صلاة الفريضة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه لمن كان قادراً عليه، ومن عجز عن القيام صلى قاعداً أو على أي هيئة يستطيعها، وترك القيام رخصة للعاجز حقيقةً والرخص لا تؤتى إلا عند وجود العذر المجيز لفعلها فقط.
.. وأخيراً فإن بعض المصلين يتساهلون في هذه المسألة فيصلون قعوداً لغير عذر فهؤلاء صلاتهم باطلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.