باب حج المرأة والعبد
محمد بن إدريس الشافعي
- التصنيفات: فقه الحج والعمرة -
السؤال: باب حج المرأة والعبد
الإجابة: [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كان فيما يُروى عن النبي صلى
الله عليه وسلم ما يدل على أن السبيل الزاد والراحلة، وكانت المرأة
تجدهما، وكانت مع ثقة من النساء في طريق مأهولة آمنة فهي ممن عليه
الحج عندي والله أعلم، وإن لم يكن معها ذو محرم؛ لأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لم يستثن فيما يوجب الحج إلا الزاد والراحلة، وإن لم
تكن مع حرة مسلمة ثقة من النساء فصاعداً لم تخرج مع رجال لا امرأة
معهم ولا محرم لها منهم، وقد بلغنا عن عائشة وابن عمر وابن الزبير مثل
قولنا في أن تسافر المرأة للحج، وإن لم يكن معها محرم، أخبرنا مسلم عن
ابن جريج قال: سئل عطاء عن امرأة ليس معها ذو محرم ولا زوج معها ولكن
معها ولائد وموليات يلين إنزالها وحفظها ورفعها؟ قال: "نعم،
فلتحج".
[قال الشافعي]: فإن قال قائل: فهل من شيء يشبه غير ما ذكرت؟ قيل: نعم. ما لا يخالفنا فيه أحد علمته من أن المرأة يلزمها الحق وتثبت عليها الدعوى ببلد لا قاضي به، فتجلب من ذلك البلد، ولعل الدعوى تبطل عنها أو تأتي بمخرج من حق لو ثبت عليها مسيرة أيام مع غير ذي محرم إذا كانت معها امرأة، وأن الله تعالى قال في المعتدات: {ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} فقيل: يقام عليها الحد، فإذا كان هذا هكذا فقد بين الله عز وجل أنه لم يمنعها الخروج من حقٍ لزمها، وإن لم يكن هكذا وكان خروجها فاحشة فهي بالمعصية بالخروج إلى غير حق ألزم، فإن قال قائل: ما دل على هذا؟ قيل: لم يختلف الناس فيما علمته أن المعتدة تخرج من بيتها لإقامة الحد عليها وكل حق لزمها، والسنة تدل على أنها تخرج من بيتها للنداء كما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس، فإذا كان الكتاب ثم السنة يدلان معاً والإجماع في موضع على أن المرأة في الحال التي هي ممنوعة فيها من خروج إلى سفر أو خروج من بيتها في العدة إنما هو على أنها ممنوعة مما لا يلزمها ولا يكون سبيلاً لما يلزمها وما لها تركه، فالحج لازم وهي له مستطيعة بالمال والبدن ومعها امرأة فأكثر ثقة، فإذا بلغت المرأة المحيض أو استكملت خمس عشرة سنة ولا مال لها تطيق به الحج يجبر أبواها ولا ولي لها ولا زوج المرأة على أن يعطيها من ماله ما يحجها به.
قال: ولو أراد رجل الحج ماشياً وكان ممن يطيق ذلك لم يكن لأبيه ولا لوليه منعه من ذلك.
قال: ولو أرادت المرأة الحج ماشية كان لوليها منعها من المشي فيما لا يلزمها.
قال: وإذا بلغت المرأة قادرة بنفسها ومالها على الحج فأراد وليها منعها من الحج أو أراده زوجها، منعها منه ما لم تهل بالحج؛ لأنه فرضٌ بغير وقت إلا في العمر كله، فإن أهلت بالحج بإذنه لم يكن له منعها، وإن أهلت بغير إذنه ففيها قولان، أحدهما أن عليه تخليتها، ومن قال هذا القول لزمه عندي أن يقول: لو تطوعت فأهلت بالحج: أن عليه تخليتها من قبل أن من دخل في الحج ممن قدر عليه لم يكن له الخروج منه ولزمه، غير أنها إذا تنفلت بصوم لم يكن له منعها ولزمه عندي في قوله أن يقول ذلك في الاعتكاف والصلاة. والقول الثاني: أن تكون كمن أحصر فتذبح وتقصر وتحل ويكون ذلك لزوجها.
[قال الشافعي]: أخبرنا سعيد بن سالم ومسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في المرأة تهل بالحج فيمنعها زوجها: هي بمنزلة الحصر.
[قال الشافعي]: وأحب لزوجها أن لا يمنعها، فإن كان واجباً عليه أن لا يمنعها كان قد أدى ما عليه وأن له تركه إياها أداء الواجب، وإن كان تطوعاً أجر عليه إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأم - كتاب الحج.
[قال الشافعي]: فإن قال قائل: فهل من شيء يشبه غير ما ذكرت؟ قيل: نعم. ما لا يخالفنا فيه أحد علمته من أن المرأة يلزمها الحق وتثبت عليها الدعوى ببلد لا قاضي به، فتجلب من ذلك البلد، ولعل الدعوى تبطل عنها أو تأتي بمخرج من حق لو ثبت عليها مسيرة أيام مع غير ذي محرم إذا كانت معها امرأة، وأن الله تعالى قال في المعتدات: {ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} فقيل: يقام عليها الحد، فإذا كان هذا هكذا فقد بين الله عز وجل أنه لم يمنعها الخروج من حقٍ لزمها، وإن لم يكن هكذا وكان خروجها فاحشة فهي بالمعصية بالخروج إلى غير حق ألزم، فإن قال قائل: ما دل على هذا؟ قيل: لم يختلف الناس فيما علمته أن المعتدة تخرج من بيتها لإقامة الحد عليها وكل حق لزمها، والسنة تدل على أنها تخرج من بيتها للنداء كما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس، فإذا كان الكتاب ثم السنة يدلان معاً والإجماع في موضع على أن المرأة في الحال التي هي ممنوعة فيها من خروج إلى سفر أو خروج من بيتها في العدة إنما هو على أنها ممنوعة مما لا يلزمها ولا يكون سبيلاً لما يلزمها وما لها تركه، فالحج لازم وهي له مستطيعة بالمال والبدن ومعها امرأة فأكثر ثقة، فإذا بلغت المرأة المحيض أو استكملت خمس عشرة سنة ولا مال لها تطيق به الحج يجبر أبواها ولا ولي لها ولا زوج المرأة على أن يعطيها من ماله ما يحجها به.
قال: ولو أراد رجل الحج ماشياً وكان ممن يطيق ذلك لم يكن لأبيه ولا لوليه منعه من ذلك.
قال: ولو أرادت المرأة الحج ماشية كان لوليها منعها من المشي فيما لا يلزمها.
قال: وإذا بلغت المرأة قادرة بنفسها ومالها على الحج فأراد وليها منعها من الحج أو أراده زوجها، منعها منه ما لم تهل بالحج؛ لأنه فرضٌ بغير وقت إلا في العمر كله، فإن أهلت بالحج بإذنه لم يكن له منعها، وإن أهلت بغير إذنه ففيها قولان، أحدهما أن عليه تخليتها، ومن قال هذا القول لزمه عندي أن يقول: لو تطوعت فأهلت بالحج: أن عليه تخليتها من قبل أن من دخل في الحج ممن قدر عليه لم يكن له الخروج منه ولزمه، غير أنها إذا تنفلت بصوم لم يكن له منعها ولزمه عندي في قوله أن يقول ذلك في الاعتكاف والصلاة. والقول الثاني: أن تكون كمن أحصر فتذبح وتقصر وتحل ويكون ذلك لزوجها.
[قال الشافعي]: أخبرنا سعيد بن سالم ومسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في المرأة تهل بالحج فيمنعها زوجها: هي بمنزلة الحصر.
[قال الشافعي]: وأحب لزوجها أن لا يمنعها، فإن كان واجباً عليه أن لا يمنعها كان قد أدى ما عليه وأن له تركه إياها أداء الواجب، وإن كان تطوعاً أجر عليه إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأم - كتاب الحج.