فسخ الخطبة لوجود العيب
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الزواج والطلاق -
السؤال: خطيب ترك خطيبته، وذلك لعلمه بأمورٍ وصفات غُيِّبَت عنه وقت رؤيته
لخطيبته؛ مثل: لون شعرها مائل للأبيض، وكذلك عندها قدم أطول من الأخرى
-معذِرَةً أنا لا أعيب الخِلْقَةِ، ولكن أصف الحالة فقط، شفاها الله
وعافاها-، وكذلك هي غير منضبطة في الناحية النفسية، وحين الانفصال أخذ
أهلها الشبكة كاملةً، فهل من حقهم شرعاً أخذ الشبكة أو الذهب؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:
فإن العيب الذي يثبت به فسخ النكاح لأحد الزوجين إذا وجد في الآخر، هو ما عدَّهُ الناس عيباً.
وللطَّرف الآخر حق الفسخ، إذا تم النكاح دون علمه بالعيب، وقد حصر جمهور العلماء العيوب الموجبة للفسخ في نوعين:
الأول: العيوب التي تمنع الوطء؛ ففي (حاشية العدوي على شرح الرسالة): "وتُرَدُّ المرأة بداء الفرج وهو ما يمنع الوطء أو لذَّته".
الثاني: العيوب المُنَفِّرَةِ أو المُعْدِيَةِ؛ ويمثلون لها بالجُذَامِ والبَرَص والبَاسُور والنَّاسُور والقروح السَّيَّالةِ في الفَرْجِ.
ومنهم من توسَّع في ذلك فألحق بها كل عيب مُنَفِّرٍ، واعتبر أن كون بعض العيوب مؤثراً وبعضها غير مؤثر؛ تحكُّماً؛ قال ابن القيم رحمه الله: "والصحيح أن النكاح يفسخ بجميع العيوب كسائر العقود؛ لأن الأصل السلامة... وكل عيب يَنْفُرُ الزَّوج الآخَرُ منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة، فإنه يوجب الخيار".
وعليه؛ فإن كان الخاطب قد فسخ الخِطْبَةَ لعدم علمه بتلك العيوب التي ذُكِرَت في السؤال، ولشعوره بأن تلك العيوب ستكون سبباً في نفرته منها فله الحق في أن يسترد الشبكة، سواء كانت جزءاً من الصَّداقِ أو كانت هديَّةً، وسواء كان خاطباً أو عاقداً، إلا أن تطيب نفسُه بالتنازل عنها.
أما إن لم يكن العيب المشار إليه من أسباب النفرة المتعارف عليها غالباً، أو كان يعلم به قبل الخطبة ووافق عليه ولو كان منفراً - فإنه ليس له الخيار في فسخ العقد إن كان قد عقد عليها، فإن لم يكن قد عقد عليها، وكان ما بينهما مجرد خطبة، وكانت الشبكة من الصداق، أو جرى العرف باعتبارها منه فيجب ردها للخاطب، وتُسْتَرَد بذاتها إن كانت قائمة، أو مثلها أو قيمتها إن كانت هالكة أو مستهلكة؛ لأن المقرر شرعاً أن الخطبة ليست عقداً ولا زواجاً، ولا يترتب عليها شيء من آثار العقد والزواج.
أما إذا لم تدخل الشبكة في المهر وكانت على سبيل الهدية، فينظر:
أولاً: إذا كان العدول من جهة الخاطب -كما في مسألتنا- أو كان الخاطب هو الذي حمل أهل المخطوبة على الفسخ بسوء معاملته فلا يكون له حق الرجوع لا في الشبكة ولا غيرها من الهدايا، وتكون من حق المخطوبة، وهذا ما نميل إليه؛ لأنه أرفق بالناس، وأكفل بتحقيق العدالة بينهم، اللهم إلا في الأشياء التي يتسامح فيها الناس عادة.
ثانياً: إن كان العدول من جانب المخطوبة، فإن للخاطب أن يسترد الشبكة والهدايا إن كانت باقية، أو ثمنها إن كانت هالكة.
ويُوكَل علم الخاطب بالعيوب قبل الخطبة إلى ديانته (تدينه والتزامه بأحكام الدين باطناً)، فإن ادَّعى عدم العلم بها، فالقول قوله؛ لأنه مُنِكر للعِلم به، والأصل العدم، فإن ادعوا علمه به، فأنكر، ولم تكن عندهم بيِّنة؛ صُدِّقَ بيمينه، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة
فإن العيب الذي يثبت به فسخ النكاح لأحد الزوجين إذا وجد في الآخر، هو ما عدَّهُ الناس عيباً.
وللطَّرف الآخر حق الفسخ، إذا تم النكاح دون علمه بالعيب، وقد حصر جمهور العلماء العيوب الموجبة للفسخ في نوعين:
الأول: العيوب التي تمنع الوطء؛ ففي (حاشية العدوي على شرح الرسالة): "وتُرَدُّ المرأة بداء الفرج وهو ما يمنع الوطء أو لذَّته".
الثاني: العيوب المُنَفِّرَةِ أو المُعْدِيَةِ؛ ويمثلون لها بالجُذَامِ والبَرَص والبَاسُور والنَّاسُور والقروح السَّيَّالةِ في الفَرْجِ.
ومنهم من توسَّع في ذلك فألحق بها كل عيب مُنَفِّرٍ، واعتبر أن كون بعض العيوب مؤثراً وبعضها غير مؤثر؛ تحكُّماً؛ قال ابن القيم رحمه الله: "والصحيح أن النكاح يفسخ بجميع العيوب كسائر العقود؛ لأن الأصل السلامة... وكل عيب يَنْفُرُ الزَّوج الآخَرُ منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة، فإنه يوجب الخيار".
وعليه؛ فإن كان الخاطب قد فسخ الخِطْبَةَ لعدم علمه بتلك العيوب التي ذُكِرَت في السؤال، ولشعوره بأن تلك العيوب ستكون سبباً في نفرته منها فله الحق في أن يسترد الشبكة، سواء كانت جزءاً من الصَّداقِ أو كانت هديَّةً، وسواء كان خاطباً أو عاقداً، إلا أن تطيب نفسُه بالتنازل عنها.
أما إن لم يكن العيب المشار إليه من أسباب النفرة المتعارف عليها غالباً، أو كان يعلم به قبل الخطبة ووافق عليه ولو كان منفراً - فإنه ليس له الخيار في فسخ العقد إن كان قد عقد عليها، فإن لم يكن قد عقد عليها، وكان ما بينهما مجرد خطبة، وكانت الشبكة من الصداق، أو جرى العرف باعتبارها منه فيجب ردها للخاطب، وتُسْتَرَد بذاتها إن كانت قائمة، أو مثلها أو قيمتها إن كانت هالكة أو مستهلكة؛ لأن المقرر شرعاً أن الخطبة ليست عقداً ولا زواجاً، ولا يترتب عليها شيء من آثار العقد والزواج.
أما إذا لم تدخل الشبكة في المهر وكانت على سبيل الهدية، فينظر:
أولاً: إذا كان العدول من جهة الخاطب -كما في مسألتنا- أو كان الخاطب هو الذي حمل أهل المخطوبة على الفسخ بسوء معاملته فلا يكون له حق الرجوع لا في الشبكة ولا غيرها من الهدايا، وتكون من حق المخطوبة، وهذا ما نميل إليه؛ لأنه أرفق بالناس، وأكفل بتحقيق العدالة بينهم، اللهم إلا في الأشياء التي يتسامح فيها الناس عادة.
ثانياً: إن كان العدول من جانب المخطوبة، فإن للخاطب أن يسترد الشبكة والهدايا إن كانت باقية، أو ثمنها إن كانت هالكة.
ويُوكَل علم الخاطب بالعيوب قبل الخطبة إلى ديانته (تدينه والتزامه بأحكام الدين باطناً)، فإن ادَّعى عدم العلم بها، فالقول قوله؛ لأنه مُنِكر للعِلم به، والأصل العدم، فإن ادعوا علمه به، فأنكر، ولم تكن عندهم بيِّنة؛ صُدِّقَ بيمينه، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة