حكم شم الطيب والعود للصائم

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الصيام -
السؤال: هل يجوز للصائم أن يشم رائحة الطيب والعود؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنه لا حرجَ على الصائم في شمِّ العطور؛ كالمسك والورد والنّرجس وغيرها من الأطياب، لأن غاية ما يبلغ منها هو الرائحة، والرائحة ليس لها جرْمٌ يدخل إلى الجَوْفِ، وهو مذهب الحنفيّة ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية.

وأجازه الحنابلة إذا كان من الطِّيب غيرِ المسحوقِ - يعني على صورة سائل، أو قِطَعِ وكرهوا شَمَّهُ إن كان مسحوقا كمسكٍ أو كافورٍ، أو بخورِ عودٍ وعنبرٍ، لأنه لا يأمن أن يجذبه نَفَسُهُ إلى حَلْقِهِ؛ كما قال في مطالب أُولِي النُّهَى.

وذهب الشّافعيّةُ إلى أنه يُسنُّ للصّائم تَرْكُ شمِّ الطِّيب ولمسِهِ؛ لما فيه من التَّرَفُّهِ، وأجازوه ليلا ولو دامت رائحته في النّهار.

كذلك كَرِهَهُ المالكيّة، إلا أنهم أجازوا التّطيُّب للصّائم المعتكفِ؛ قال الدَّرْدِيرُ: لأنّ المعتكف معه مانع يمنعه ممّا يفسد اعتكافه، وهو لزومه المسجد وبعده عن النّساء.

والصحيح -إن شاء الله- أن استعمال الطيب مباح للصائم؛ للبراءة الأصلية، فليس في الكتاب والسنة ما يدل على الكراهة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الأحكام التي تحتاج الأُمَّة إلى معرفتها لا بد أن يُبَيِّنَها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانًا عامًّا، ولا بد أن تنقُلَها الأمَّة، فإذا انتفى هذا عُلِمَ أن هذا ليس من دينه، وهذا كما يعلم أنه لم يُفْرَضْ صيامُ شهرٍ غيرِ رمضانَ ولا حجُّ بيتٍ غيرِ البيتِ الحرامِ ... وإذا كانت الأحكام التي تعم بها البَلْوَى لا بد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانًا عامًّا، ولا بد أن تنقل الأمة ذلك.

فمعلوم أن الكحل ونحوَه مما تعم به البلوى كما تعم بالدُّهْنِ والاغتسال والبخور والطيب، فلو كان هذا مما يفطِر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيرِه، فلما لم يبين ذلك عُلِمَ أنه من جنس الطيب والبخور والدهن، والبخورُ قد يتصاعد إلى الأنف، ويدخل في الدماغ، وينعقد أجساما، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة فلما لم يُنْهَ الصائمُ عن ذلك دلَّ على جواز تطيِيبِهِ وتَبْخِيرِهِ وادِّهَانِهِ وكذلك اكتحاله"،، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع الألوكة