هل قاعدة: الثواب على قدر المشقة، صحيحة أم لا؟

مشهور حسن سلمان

  • التصنيفات: فقه العبادات -
السؤال: هل قاعدة: الثواب على قدر المشقة، صحيحة أم لا؟
الإجابة: ليست هذه القاعدة صحيحة باطراد، وهذا مما لا شك فيه، فإن من مقاصد الشرع رفع الحرج عن المكلف، وقال عز وجل: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}، وقال: {يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه"، وما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه"، وفي رواية صحيحة: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تجتنب معاصيه".

فليس دائماً: "الأجر على قدر المشقة"، فهناك من الأعمال اليسيرة ماله ثواب عظيم وجزيل وهو سهل ميسور، فأفضل الكلام: "لا إله إلا الله"، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم".

أما المشقة التي لا تنفك عن العبادة فلها أجر أعظم من عبادة أخرى لا يوجد فيها مشقة، أما أن يتقصد الإنسان إدخال المشقة على نفسه فهذا ليس بحسن، فمثلاً صلاة الجماعة المشي إليها من مكان بعيد أحب إلى الله من المشي إليها من مكان قريب، لكن البيت القريب من المسجد أفضل. ولا يجوز أن يتخطى العبد مسجد حيه، ويدخل المشقة على نفسه من غير سبب، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخطي المساجد، مع أن فيها مشقة، والأحب إلى الله، أن تصلي في المسجد القريب منك، ولما نذر أبو إسرائيل أن يظل قائماً ولا يستظل ولا يكلم الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مروه فليجلس وليستظل وليتكلم"، فهذه مشقة ما أنزل الله به من سلطان، فالقاعدة ليست على إطلاقها.

لكن لو وجدت عندنا طاعة والمشقة لا تنفك عنها فحينئذ الأجر على قدر المشقة، أما طاعة أصل إليها بأريحية دون مشقة، وهناك طريق آخر يوصل إليها به يتنطع وإدخال المشقة على نفسي، فهذا التقصد في إدخال المشقة ليس من دين الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هلك المتنطعون"، أي المتشددون الذين يدخلون على أنفسهم المشقات، وهم في غنى عنها، والشرع في غنى عنها، والله أعلم.