ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات؟
مشهور حسن سلمان
- التصنيفات: الأسماء والصفات -
السؤال: ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات؟
الإجابة: مذهب أهل السنة وسط بين الجافي والغالي، وأهل السنة والجماعة، وعقيدة
السلف الصالح في صفات الله عز وجل، أنهم يؤمنون بما أثبته الله عز
وجل، لنفسه في كتابه، أو ما صح عن نبيه صلى الله عليه وسلم، في سنته،
وربنا يقول: {سبحان ربك رب العزة عما
يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين}، فبعد
أن نزه الله عز وجل نفسه عن كل نقص أثنى على أنبيائه، لأن أنبيائه
أعلم بالرب والمعبود، والإله سبحانه من غيرهم، فهم لا يصفون ربهم إلا
بما يستحق، فنؤمن بما جاء في كتاب الله وبما جاء على لسان رسوله صلى
الله عليه وسلم كما ورد من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تأويل
ولا تعطيل.
وما ورد في الكتاب والسنة فعلى العين والرأس، وذلك على حسب قوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، وهي قاعدة كلية في الأسماء والصفات، فما أثبته الله عز وجل نثبته، ولا يجوز أن نقول: ليس مراد الله كذا، إنما مراد الله كذا، لأننا إن قلنا فمعنى ذلك أن هذا المراد قد شبهناه بالمخلوق، فما أولنا وما حولنا اللفظ عن ظاهره إلى غيره إلا لما قام في أذهاننا تشبيه، والأصل أن الله عز وجل حق غيب نؤمن به على وفق ما ورد دون إعمال العقول، فالعقل دوره التسليم للنص، ويبحث عن صحة النقل فإن ثبت فالعقل ينبغي أن يستسلم، ولا يجوز للعقل أبداً أن يخضع الله عز وجل إلى القواعد التي عنده، فالله غيب نؤمن به كما ورد، فربنا يقول: {يد الله فوق أيديهم}، فلله يد، كيف اليد؟ معاذ الله أن نخوض في ذلك، فإنه: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
وهذه الآية تفيدنا أصلين مهمين، الأصل الأول: أن ما يخيل إليك من قبل الشيطان أن الله على نحو كذا أو كذا، فاضربه بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء}، فالله عز وجل، على خلاف ما يخطر في البال، وينسج في الخيال، فكل ما يخطر ببالك فالله على خلافه، لأنه: {ليس كمثله شيء}.
ومن باب الفائدة بالآية؛ علمنا ربنا أن نجمل في النفي، لما ننفي النقص عن ربنا، فليس من الأدب معه سبحانه أن نفصل في النفي، ومن الأدب معه سبحانه أن نجمل في النفي، ومن الأدب مع الله جل في علاه، أن نفصل في الإثبات لأن الله قال: {وهو السميع البصير}، فالنفي مجمل والإثبات مفصل، فليس من الأدب مع الله أن نقول: إن الله ليس بلحم، ليس بدم، ليس الله بكذا، كما يقول المعتزلة والفرق الضالة، فهم يفصلون في النفي، ويجملون في الإثبات وهذا على خلاف القرآن، والقرآن يعلمنا أن نجمل في النفي وأن نفصل في الإثبات فلا يجوز أن نعطل صفة ولا أن نؤلها ولا أن نشبهها ولا أن نخرجها عن لفظها، فمثلاً يقولون في قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم}، أي قدرة الله عز وجل، نقول: نحن لا ننكر أن قدرة الله فوق قدرة البشر جميعاً، لكن ننكر أن يكون المراد بالآية اليد هي القدرة، ولذا لما امتنع إبليس من السجود لآدم قال له تعالى: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}، فلو كان المعنى بقدرتي لقال الشيطان: وأنت يا رب خلقتني بيديك، فإن الشيطان خلق بقدرة الله، فإذن خلق الله آدم بيده على الحقيقة، وكيف ذلك؟ لا ندري كيف هي ونفوض أمرها إلى الله.
والصفات من المتشابهات إن أريد بها الكيفية وإن أريد بها المعنى فهي ليست من المتشابهات، وإنما من المحكمات، ذلك أن التشابه في الذوات يقتضي التشابه في الصفات، والتشابه في الصفات لا يقتضي التشابه في الذوات، فلو أخذنا صفات متعددات ونسبناها إلى ذوات مختلفات لاختلفت الصفات باختلاف الذوات، فكيف وذات الله ليست كذاتنا، ولنأخذ صفة الرأس، مثلاً، ونقول: رأس جبل، رأس إبرة، فاختلفت الصفة باختلاف نسبتها إلى موصوفها، فاختلفت الصفات باختلاف الذوات، فكيف لما تكون ذات الله عز وجل، ليست كذاتنا، وبالتالي فصفاته ليست كصفاتنا.
ومن عطل صفات الله فهو في الحقيقة يعبد عدماً، وسيخرج في النهاية إلى ذات ليس لها وجود في الخارج وإنما وجودها في الذهن وهذا يفتح علينا باب الإلحاد، والقرمطة والعياذ بالله، ومن اعتقد في صفات الله أنها كصفات البشر، هو في حقيقة أمره يعبد صنماً.
وبعض الناس يقولون: نحن نثبت الصفة، كاليد مثلاً، لكن لا نعرف معناها وهذا يلزم منه أن الله أنزل على جبريل كلاماً جبريل لا يعلمه، وأنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً ومحمد صلى الله عليه وسلم لا يعلمه، فمن فوض المعنى ولم يفوض الكيفية فهذا مذهب ضلالة، لأن لازم ذلك أن جبريل قال صوتاً ما علم معناه، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعلم معناه، وأصبحت يد الله كأي صفة أخرى، ولما تأتي صفات متغايرات لذات الله عز وجل فإنه يقوم في الذهن أن لهذه معنى ولهذه معنى، وأن هذه غير تلك، وهذا ينقض أصل القول: بأن الأصل تفويض المعنى، لأنه يقوم في ذهن العاقل أن هناك تغاير بين الصفات لما تأتي متغايرات في الكتاب والسنة.
إذن نؤمن بما ورد في كتاب الله وبما ثبت في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على النحو الذي ورد، ولا نعطل ولا نشبه ولا نكيف ولا نتخيل، والله على خلاف ما يخطر في بالنا، أما إن أردت ربك ومعبودك أن يدخل في عقلك هذا أمر لازمه أنك ما عرفت ربك حق معرفته، وما قدرته حق قدرته، وجاء رجل ملحد إلى أبي حنيفة، وبدأ يسأل عن ذات الله عز وجل، وكانا يجلسان على نهر الفرات، فأخذ أبو حنيفة رحمه الله يحفر حفرة صغيرة ويأخذ من ماء النهر ويضع في الحفرة، فيتكلم الملحد وأبو حنيفة يتشاغل عنه، فقال الملحد: يا هذا انقطعت في المناظرة وسقطت حجتك وليس لك كلام، أنا في ماذا وأنت في ماذا؟ فقال له أبو حنيفة: أنا أريد أن أنقل نهر الفرات في هذه الحفرة، فقال الملحد له: إنك لمجنون، فقال أبو حنيفة: هذا أنت إن عجزت أن تنقل هذا النهر في هذه الحفرة وأنت تريد مني أن أجعل ربي ومعبودي في عقلك!
فالرب حق نؤمن بأسمائه وصفاته على ما ثبت في الكتاب وصحيح السنة، ونمسك ولا نستفصل، كما ثبت نقول هو ثابت في كتاب ربنا، على مراد ربنا، من غير تعطيل ولا تخييل ولا تمثيل فهذا مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات ومن أول شيئاً فهو خارج عن أهل السنة والجماعة ولا يلزم من التأويل الكفر فالذين يؤلون من أهل القبلة لا من أهل السنة، والله أعلم.
وما ورد في الكتاب والسنة فعلى العين والرأس، وذلك على حسب قوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، وهي قاعدة كلية في الأسماء والصفات، فما أثبته الله عز وجل نثبته، ولا يجوز أن نقول: ليس مراد الله كذا، إنما مراد الله كذا، لأننا إن قلنا فمعنى ذلك أن هذا المراد قد شبهناه بالمخلوق، فما أولنا وما حولنا اللفظ عن ظاهره إلى غيره إلا لما قام في أذهاننا تشبيه، والأصل أن الله عز وجل حق غيب نؤمن به على وفق ما ورد دون إعمال العقول، فالعقل دوره التسليم للنص، ويبحث عن صحة النقل فإن ثبت فالعقل ينبغي أن يستسلم، ولا يجوز للعقل أبداً أن يخضع الله عز وجل إلى القواعد التي عنده، فالله غيب نؤمن به كما ورد، فربنا يقول: {يد الله فوق أيديهم}، فلله يد، كيف اليد؟ معاذ الله أن نخوض في ذلك، فإنه: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
وهذه الآية تفيدنا أصلين مهمين، الأصل الأول: أن ما يخيل إليك من قبل الشيطان أن الله على نحو كذا أو كذا، فاضربه بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء}، فالله عز وجل، على خلاف ما يخطر في البال، وينسج في الخيال، فكل ما يخطر ببالك فالله على خلافه، لأنه: {ليس كمثله شيء}.
ومن باب الفائدة بالآية؛ علمنا ربنا أن نجمل في النفي، لما ننفي النقص عن ربنا، فليس من الأدب معه سبحانه أن نفصل في النفي، ومن الأدب معه سبحانه أن نجمل في النفي، ومن الأدب مع الله جل في علاه، أن نفصل في الإثبات لأن الله قال: {وهو السميع البصير}، فالنفي مجمل والإثبات مفصل، فليس من الأدب مع الله أن نقول: إن الله ليس بلحم، ليس بدم، ليس الله بكذا، كما يقول المعتزلة والفرق الضالة، فهم يفصلون في النفي، ويجملون في الإثبات وهذا على خلاف القرآن، والقرآن يعلمنا أن نجمل في النفي وأن نفصل في الإثبات فلا يجوز أن نعطل صفة ولا أن نؤلها ولا أن نشبهها ولا أن نخرجها عن لفظها، فمثلاً يقولون في قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم}، أي قدرة الله عز وجل، نقول: نحن لا ننكر أن قدرة الله فوق قدرة البشر جميعاً، لكن ننكر أن يكون المراد بالآية اليد هي القدرة، ولذا لما امتنع إبليس من السجود لآدم قال له تعالى: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}، فلو كان المعنى بقدرتي لقال الشيطان: وأنت يا رب خلقتني بيديك، فإن الشيطان خلق بقدرة الله، فإذن خلق الله آدم بيده على الحقيقة، وكيف ذلك؟ لا ندري كيف هي ونفوض أمرها إلى الله.
والصفات من المتشابهات إن أريد بها الكيفية وإن أريد بها المعنى فهي ليست من المتشابهات، وإنما من المحكمات، ذلك أن التشابه في الذوات يقتضي التشابه في الصفات، والتشابه في الصفات لا يقتضي التشابه في الذوات، فلو أخذنا صفات متعددات ونسبناها إلى ذوات مختلفات لاختلفت الصفات باختلاف الذوات، فكيف وذات الله ليست كذاتنا، ولنأخذ صفة الرأس، مثلاً، ونقول: رأس جبل، رأس إبرة، فاختلفت الصفة باختلاف نسبتها إلى موصوفها، فاختلفت الصفات باختلاف الذوات، فكيف لما تكون ذات الله عز وجل، ليست كذاتنا، وبالتالي فصفاته ليست كصفاتنا.
ومن عطل صفات الله فهو في الحقيقة يعبد عدماً، وسيخرج في النهاية إلى ذات ليس لها وجود في الخارج وإنما وجودها في الذهن وهذا يفتح علينا باب الإلحاد، والقرمطة والعياذ بالله، ومن اعتقد في صفات الله أنها كصفات البشر، هو في حقيقة أمره يعبد صنماً.
وبعض الناس يقولون: نحن نثبت الصفة، كاليد مثلاً، لكن لا نعرف معناها وهذا يلزم منه أن الله أنزل على جبريل كلاماً جبريل لا يعلمه، وأنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً ومحمد صلى الله عليه وسلم لا يعلمه، فمن فوض المعنى ولم يفوض الكيفية فهذا مذهب ضلالة، لأن لازم ذلك أن جبريل قال صوتاً ما علم معناه، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعلم معناه، وأصبحت يد الله كأي صفة أخرى، ولما تأتي صفات متغايرات لذات الله عز وجل فإنه يقوم في الذهن أن لهذه معنى ولهذه معنى، وأن هذه غير تلك، وهذا ينقض أصل القول: بأن الأصل تفويض المعنى، لأنه يقوم في ذهن العاقل أن هناك تغاير بين الصفات لما تأتي متغايرات في الكتاب والسنة.
إذن نؤمن بما ورد في كتاب الله وبما ثبت في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على النحو الذي ورد، ولا نعطل ولا نشبه ولا نكيف ولا نتخيل، والله على خلاف ما يخطر في بالنا، أما إن أردت ربك ومعبودك أن يدخل في عقلك هذا أمر لازمه أنك ما عرفت ربك حق معرفته، وما قدرته حق قدرته، وجاء رجل ملحد إلى أبي حنيفة، وبدأ يسأل عن ذات الله عز وجل، وكانا يجلسان على نهر الفرات، فأخذ أبو حنيفة رحمه الله يحفر حفرة صغيرة ويأخذ من ماء النهر ويضع في الحفرة، فيتكلم الملحد وأبو حنيفة يتشاغل عنه، فقال الملحد: يا هذا انقطعت في المناظرة وسقطت حجتك وليس لك كلام، أنا في ماذا وأنت في ماذا؟ فقال له أبو حنيفة: أنا أريد أن أنقل نهر الفرات في هذه الحفرة، فقال الملحد له: إنك لمجنون، فقال أبو حنيفة: هذا أنت إن عجزت أن تنقل هذا النهر في هذه الحفرة وأنت تريد مني أن أجعل ربي ومعبودي في عقلك!
فالرب حق نؤمن بأسمائه وصفاته على ما ثبت في الكتاب وصحيح السنة، ونمسك ولا نستفصل، كما ثبت نقول هو ثابت في كتاب ربنا، على مراد ربنا، من غير تعطيل ولا تخييل ولا تمثيل فهذا مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات ومن أول شيئاً فهو خارج عن أهل السنة والجماعة ولا يلزم من التأويل الكفر فالذين يؤلون من أهل القبلة لا من أهل السنة، والله أعلم.