عذاب القبر

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: الموت وما بعده -
السؤال: هل يشعر الميت في القبر بالديدان تأكل جسمه؟ وهل الديدان من عذاب القبر؟ وما المنجيات من عذاب القبر؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن عذاب القبر ونعيمه ثابت بالكتاب والسنة المتواترة والإجماع:

* فأما الكتاب:
- فقوله تعالى: {وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [غافر: 45-46]، والآية صريحة في إثبات عذاب القبر قبل قيام الساعة.
- وقوله تعالى: {سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم} [التوبة: 101].

* وأما السنة: فالأحاديث فيها بلغت حد التواتر:
- ففي الصحيحين من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقبرين، فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة".

.. ولكن تفصيلات أحوال الموتى في القبور من الأمور الغيبية التي يتوقف في معرفتها على نصوص الوحي من الكتاب أو السنة، ولم نقف على دليل يفيد تأذي الميت بالديدان أو أن الديدان من عذاب القبر، لاسيما وأن الديدان تأكل جثث الصالح والطالح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، وسؤال الملكين فيجب اعتقاد ذلك والإيمان به، ولا نتكلم عن كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته؛ لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكن قد يأتي بما تحار فيه العقول".أ.هـ.

.. وأما يقي الإنسان من عذاب القبر:

فالعمل الصالح عموماً، ومن أهمه التعوذ بالله منه، فقد ثبت في أحاديث يصعب حصرها أن النبي كان يتعوذ منه وأرشد الأمة إليه؛ فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "تعوذوا بالله من عذاب القبر"، قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر... الحديث (رواه مسلم).

وروى مسلم، وأصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليقل: أعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" (رواه مسلم وغيره).

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت عليّ عجوز من عجائز يهود المدينة، فقالت: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم، قالت: فكذبتها ولم أنعم أن أصدقها، قالت: فخرجت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، عجوز من عجائز أهل المدينة دخلت عليّ فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم! فقال: "صدقت، إنهم يعذبون عذاباً يسمعه البهائم كلها"، فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر.

.. ومن تلك المنجيات أيضاً: قراءة سورة الملك كل ليلة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له: {تبارك الذي بيده الملك}" (رواه أبو داود بإسناد صحيح).

.. ومن المنجيات أيضاً: الشهادة في سبيل الله؛ فعن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال: يا رسول الله: ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟! قال صلى الله عليه وسلم: "كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة" (رواه النسائي)، والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع الآلوكة.