حكم ما يفعله الناس اليوم من قولهم : تصدق بنية الشفاء

عبد الرحمن بن ناصر البراك

  • التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -
السؤال: "قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب" رحمه الله : (ذكر عن السلف في معنى الآية أنواع مما يفعله الناس اليوم ولا يعرفون معناه)

فمن ذلك: العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجه الله من صدقة وصلاة وصلة وإحسان إلى الناس وترك ظلم، ونحو ذلك مما يفعله الإنسان أو يتركه خالصا لله، لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، إنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله وتنميته، أو حفظ أهله وعياله، أو إدامة النعمة عليهم، ولا همة له في طلب الجنة والهرب من النار؛ فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة نصيب.

فهل من ذلك ما يفعله الناس اليوم من قولهم: تصدق بنية الشفاء، استغفر بنية الولد ونحو ذلك، أو أن الأولى أن لايقصر النية بل يعمل العمل لله ويجعل النية الدنيوية تبعاً؟
الإجابة: الحمد لله؛ قال الله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون}، وإرادة الحياة الدنيا على مراتب، والناس في ذلك أصناف، كما ذكر الشيخ رحمه الله في رسالته، وشرهم الكفار الذين لا يرجون لقاء الله ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، فهممهم وجميع أعمالهم مصروفة في حظوظ الدنيا، وأخف مريدي الدنيا من ذُكر في السؤال، وهو من يعمل العمل لله، لكن لا يريد من الله جزاء إلا الحظ العاجل، ولا ريب أن هذا قبيح ومذموم.

وقد قال تعالى: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق}، أما المحققون للإيمان بالله واليوم الآخر فهم الذين قال الله تعالى فيهم: {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}، وقال تعالى: {من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة}، وقال تعالى: {تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة}.

فمن يتصدق أو يعمل بعض الأعمال الخيرية لا يريد إلا شفاء من مرض، أو تيسير حظ عاجل من وظيفة أو نحوها فهو ممن لا يريد بعمله إلا العاجلة، فهذا له حظ من قوله تعالى: {كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة}، فالمسلم الذي يفعل ذلك قد شابه من قال الله تعالى فيهم: {إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا}، اللهم اجعل عملنا كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: موقع الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك