هل السودان دولة إسلامية؟
عبد الحي يوسف
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
السؤال: هل الدولة في السودان إسلامية أم غير ذلك؟ وهل على المسلم الطاعة إذا
كانت غير إسلامية؟
الإجابة: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه
أجمعين، أما بعد:
ففي السودان خير كثير يتمثل في المساجد التي ترتفع مآذنها، وكلمات الأذان التي تتردد أصداؤها في كل مكان معلنة توحيد الله تعالى، كما أن شعائر الإسلام -من صلاة وصيام وزكاة وحج وعمرة- ظاهرة؛ حيث المساجد عامرة، ولا يجد مرتادوها مضايقة من أحد، كما أن صيام رمضان مرعي، ولا يُسمح بالإفطار العلني، وتُلزم المطاعم بتغليق أبوابها في نهار الشهر المبارك، كما أن الزكاة قد رُفع لواؤها وامتد سلطانها، كما أن السبيل ميسَّرة لكل من أراد نسكاً في حج أو عمرة.
وأما شرائع الإسلام فهي كذلك ظاهرة؛ حيث تُمنع الكبائر والخبائث فلا خمر تُباع أو تُشرب علانية، ولا أماكن للبغاء تُدار علانية، بل يُعاقب من يثبت عليه شيء من ذلك في سُكْر أو زنا أو فحش، والربا ممنوع بالقانون، ويُعزَّر من يتعاطاه أو يتعامل به، وحدود الإسلام منصوص عليها في القانون؛ فيقام حد الله على من ارتكب شيئاً مما حرَّم الله وأوجب فيه حداً -كالسرقة والزنا والخمر والمحاربة والقذف- كما أن طاعة الله مفتوحة أبوابها؛ فلا يُحارب شاب -مثلاً- لالتزامه هدي الإسلام وسمته -في لحيته أو ثوبه أو محافظته على الصلاة- ولا تُحارب فتاة لاحتشامها والتزامها الحجاب، بل يُشجع الناس على طاعة الله في ذلك كله، كما أن مناهج التعليم في الكليات المدنية والعسكرية قد طرأ عليها تغيير كبير في صبغها بالصبغة الإسلامية، وصارت دراسة مادة الثقافة الإسلامية حتماً لازماً في جميع التخصصات إنسانية وتجريبية، كما أن شعيرة الجهاد قد رُفعت رايتها، وأُعليت كلمتها، وتدافع الناس إليها -بإشراف الدولة- حين أحاطت بالبلاد أخطار من جرَّاء التمرد الصليبي الذي كان في الجنوب، وقد تولَّت دعمه الجهات الكنسية في أوروبا وأمريكا، وما زالت كلمة الجهاد ملاذاً للدولة والناس كلما دهم البلاد أو العباد خطبٌ، والقائمون على الحكم في البلاد لم يُعهد عنهم فسق ظاهر ولا استهتار بالدين، بل يذكرون في خطبهم وبياناتهم أنهم ما جاؤوا إلا انتصاراً للدين.
ولا تسلم الدولة من مخالفات بعضها أخطر من بعض، ومن ذلك مثلاً: سكوت الدولة -بل تشجيعها أحياناً- لمخالفات عقدية خطيرة يقوم عليها رجال مخرِّفون يصدُّون الناس عن الدين الحق، ويعوِّلون على الترَّهات والأباطيل، ومنها أيضاً مخالفات تتعلق بقضايا المرأة والإعلام؛ حيث إن الاختلاط شرعة سائدة في الجامعات ومؤسسات العمل -إلا قليلاً- كما أن روح العمل الإعلامي لا يمثِّل ما ينبغي أن تكون عليه دولة إسلامية، والدستور الذي وضع في عام 1998 به مخالفات خطيرة؛ كالنص على حرية التبشير بالدين -أيّ دين- وكذلك عدم النص على شرط الإسلام أو الذكورة في منصب رئيس الدولة؛ إضافة إلى شيوع مفاهيم كاذبة خاطئة كوحدة الأديان، ومشاركة الكفار في احتفالاتهم الدينية، والتردد عليهم في كنائسهم، وتبادل التهاني معهم على وجه يُشعر عامة الناس بأن الإسلام والنصرانية صنوان، ومن المخالفات كذلك عدم الورع في استخدام المال العام، وشيوع الاختلاسات مما ثبت -يقيناً- في تقرير المراجع العام، مع إسراف في فرض الرسوم والمكوس والضرائب على عامة الناس، وإشراقات الدولة في بعض النواحي لا تخلو من أخطاء تصاحب غالباً التطبيق البشري والسعي الإنساني.
* خلاصة القول بأن الواجب علينا -معشر أهل السودان- طاعة حكامنا وولاة أمرنا في طاعة الله، ومناصحتهم في المخالفات التي تصادم الشرع، مع الدعاء لهم بالمعافاة وأن يأخذ الله بنواصيهم إلى الخير، وأن يهيئ لهم البطانة الصالحة، ولا يجوز لنا أن نعين عليهم خارجياً أو ساعياً بالفتنة أو الفساد في الأرض، فضلاً عن أن نحرض عليهم عدواً صليبياً أو ملحداً، خاصة إذا أخذنا في اعتبارنا أن كثيراً من المخالفات التي نأخذها على الدولة القائمة حالياً لم تسلم منها دول إسلامية سابقة، على أيام الدولة العباسية أو الدولة العثمانية، ولم يأمر أهل العلم بالخروج عليها أو التمرد على سلطانها، والله نسأل أن يجمع القلوب على الهدى والبر والتقى، والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن شبكة المشكاة الإسلامية.
ففي السودان خير كثير يتمثل في المساجد التي ترتفع مآذنها، وكلمات الأذان التي تتردد أصداؤها في كل مكان معلنة توحيد الله تعالى، كما أن شعائر الإسلام -من صلاة وصيام وزكاة وحج وعمرة- ظاهرة؛ حيث المساجد عامرة، ولا يجد مرتادوها مضايقة من أحد، كما أن صيام رمضان مرعي، ولا يُسمح بالإفطار العلني، وتُلزم المطاعم بتغليق أبوابها في نهار الشهر المبارك، كما أن الزكاة قد رُفع لواؤها وامتد سلطانها، كما أن السبيل ميسَّرة لكل من أراد نسكاً في حج أو عمرة.
وأما شرائع الإسلام فهي كذلك ظاهرة؛ حيث تُمنع الكبائر والخبائث فلا خمر تُباع أو تُشرب علانية، ولا أماكن للبغاء تُدار علانية، بل يُعاقب من يثبت عليه شيء من ذلك في سُكْر أو زنا أو فحش، والربا ممنوع بالقانون، ويُعزَّر من يتعاطاه أو يتعامل به، وحدود الإسلام منصوص عليها في القانون؛ فيقام حد الله على من ارتكب شيئاً مما حرَّم الله وأوجب فيه حداً -كالسرقة والزنا والخمر والمحاربة والقذف- كما أن طاعة الله مفتوحة أبوابها؛ فلا يُحارب شاب -مثلاً- لالتزامه هدي الإسلام وسمته -في لحيته أو ثوبه أو محافظته على الصلاة- ولا تُحارب فتاة لاحتشامها والتزامها الحجاب، بل يُشجع الناس على طاعة الله في ذلك كله، كما أن مناهج التعليم في الكليات المدنية والعسكرية قد طرأ عليها تغيير كبير في صبغها بالصبغة الإسلامية، وصارت دراسة مادة الثقافة الإسلامية حتماً لازماً في جميع التخصصات إنسانية وتجريبية، كما أن شعيرة الجهاد قد رُفعت رايتها، وأُعليت كلمتها، وتدافع الناس إليها -بإشراف الدولة- حين أحاطت بالبلاد أخطار من جرَّاء التمرد الصليبي الذي كان في الجنوب، وقد تولَّت دعمه الجهات الكنسية في أوروبا وأمريكا، وما زالت كلمة الجهاد ملاذاً للدولة والناس كلما دهم البلاد أو العباد خطبٌ، والقائمون على الحكم في البلاد لم يُعهد عنهم فسق ظاهر ولا استهتار بالدين، بل يذكرون في خطبهم وبياناتهم أنهم ما جاؤوا إلا انتصاراً للدين.
ولا تسلم الدولة من مخالفات بعضها أخطر من بعض، ومن ذلك مثلاً: سكوت الدولة -بل تشجيعها أحياناً- لمخالفات عقدية خطيرة يقوم عليها رجال مخرِّفون يصدُّون الناس عن الدين الحق، ويعوِّلون على الترَّهات والأباطيل، ومنها أيضاً مخالفات تتعلق بقضايا المرأة والإعلام؛ حيث إن الاختلاط شرعة سائدة في الجامعات ومؤسسات العمل -إلا قليلاً- كما أن روح العمل الإعلامي لا يمثِّل ما ينبغي أن تكون عليه دولة إسلامية، والدستور الذي وضع في عام 1998 به مخالفات خطيرة؛ كالنص على حرية التبشير بالدين -أيّ دين- وكذلك عدم النص على شرط الإسلام أو الذكورة في منصب رئيس الدولة؛ إضافة إلى شيوع مفاهيم كاذبة خاطئة كوحدة الأديان، ومشاركة الكفار في احتفالاتهم الدينية، والتردد عليهم في كنائسهم، وتبادل التهاني معهم على وجه يُشعر عامة الناس بأن الإسلام والنصرانية صنوان، ومن المخالفات كذلك عدم الورع في استخدام المال العام، وشيوع الاختلاسات مما ثبت -يقيناً- في تقرير المراجع العام، مع إسراف في فرض الرسوم والمكوس والضرائب على عامة الناس، وإشراقات الدولة في بعض النواحي لا تخلو من أخطاء تصاحب غالباً التطبيق البشري والسعي الإنساني.
* خلاصة القول بأن الواجب علينا -معشر أهل السودان- طاعة حكامنا وولاة أمرنا في طاعة الله، ومناصحتهم في المخالفات التي تصادم الشرع، مع الدعاء لهم بالمعافاة وأن يأخذ الله بنواصيهم إلى الخير، وأن يهيئ لهم البطانة الصالحة، ولا يجوز لنا أن نعين عليهم خارجياً أو ساعياً بالفتنة أو الفساد في الأرض، فضلاً عن أن نحرض عليهم عدواً صليبياً أو ملحداً، خاصة إذا أخذنا في اعتبارنا أن كثيراً من المخالفات التي نأخذها على الدولة القائمة حالياً لم تسلم منها دول إسلامية سابقة، على أيام الدولة العباسية أو الدولة العثمانية، ولم يأمر أهل العلم بالخروج عليها أو التمرد على سلطانها، والله نسأل أن يجمع القلوب على الهدى والبر والتقى، والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن شبكة المشكاة الإسلامية.