حرمة نسخ برامج الحاسوب
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة - وسائل التكنولوجيا الحديثة -
أعمل في نسخ اسطوانات (برامج) الحاسوب وبيعها للناس، ويشتريها طلاب العلم الذين لا يستطيعون شراء النسخة الأصلية، ولا شراء الكتب، فهل هذا حرام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الشركات التي تقوم بعمل البرامج العلمية تقدم خدمة عظيمة للمسلمين بما تنتجه من برامج وموسوعات، وتسهل عليهم طلب العلم، والبحث، وحفظ القرآن، وتعلم التلاوة.. إلى غير ذلك من البرامج النافعة، التي ما كانت لتظهر بهذه الكيفية إلا ببذل الجهد الكبير، وتحمُّل النفقات الباهظة، والاستعانة بالباحثين والمبرمجين المختصين.
ولهذا؛ كان من كمال الشريعة أن تحفظ لهذه الشركات حقوقها - إذا نصَّ صاحب هذه البرامج على منع النسخ - وألاَّ تُمكن أحداً من الاعتداء عليها، وهذا ليس خاصاً ببرامج الحاسوب فحسب، بل هو عام في جميع المؤلَّفات والمخترعات، وكل ما بَذل فيه الإنسان جهداً ومالاً.
وقيام بعض الناس بالسطو على تلك البرامج ونسخها فضلاً عن الاتجار فيها، ظلم واعتداء على من اجتهد وبَذل وقَدَّم تلك البرامج، وقد يؤدي إلى إفلاس تلك الشركات، وحرمان المسلمين من الخير الذي تقدمه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" [رواه أحمد وابن ماجه، من حديث ابن عباس].
وقد سُئِلت اللجنة الدائمة للإفتاء - بالمملكة العربية السعودية - عن تلك المسألة فأجابت:
"إنه لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم، سواء أكان صاحب هذه البرامج مسلماً أم كافراً غير حربي؛ لأن حق الكافر غير الحربي محترم كحق المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم" [رواه الحاكم وصححه السيوطي]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه" [أخرجه الدارقطني]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من سبق إلى مباح فهو أحق به" [رواه أبو داود وصححه الضياء المقدسي]، وإذا نص صاحب هذه البرامج على منع النسخ العام فقط، فيجوز نسخها للنفع الخاص، أما إذا منع من النسخ العام والخاص فلا يجوز نسخها مطلقاً".
وأصدر مجمع الفقه الإسلامي سنة 1405هـ قراراً بشأن الحقوق المعنوية، قرر فيه: "إن حقوق التأليف والاختراع مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها".
ومن أهل العلم من أجاز نسخ برامج الكمبيوتر لغرض الإهداء لا للاتجار بها، والأحوط ترك ذلك.
ولكن إذا احتاج المرء إلى نسخها لعدم وجود النسخة الأصلية أو عجزه عن شرائها جاز له نسخها للنفع الشخصي فقط في قول بعض أهل العلم، بشرط ألا يتخذ ذلك وسيلة للكسب أو التجارة، ولا بد من الاقتصار هنا على قدر الحاجة؛ لأن الزيادة عليها بغي وعدوان وهو موجب للإثم.
ومما سبق يتبين أنه لا يجوز للسائل أن يعمل في نسخ الاسطوانات التي يشترط أصحابها عدم النسخ حتى وإن كان من يشتريها هم طلاب العلم الفقراء، والله أعلم.