حكم العمل في التأمينات للحاجة
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه المعاملات - استشارات تربوية وأسرية -
أنا شابة أبلغ من العمر 22 سنة، ملتزمة و الحمد لله، كنت أدرس شهادة (تقني سامي) في المحاسبة والمالية، وفي نفس الوقت كنت متدربة في شركة التأمين، يعني هذا أنني أدرس الجانب النظري والتطبيقي معًا، وكانت مدة التدريب 3 سنوات، وفي السنة الأخيرة - أي الثالثة - علمت أنَّ التأمين حرامٌ ورِبا.
لقد انتهيتُ الآن من الدراسة والتربُّص، وتحصَّلت على شهادة (تقني سامي) في المحاسبة والمالية، علمًا بأنني في نفس الوقت أدرس في الجامعة؛ لأنني في السنة الأولى من التربُّص تحصَّلت على شهادة (البكالورليا)، فأتممت دراستي في الجامعة، يعني هذا: كنت أدرس شهادة (تقني سامي) ومتربصة في شركة التأمين، وأدرس في الجامعة أيضًا، لكن لم أتمِّم بعد دراستي في الجامعة.
الموضوع المطروح الآن: أنا بحاجة إلى عمل، وفرصتي في العمل في شركات التأمين كبيرة، بسبب:
- الحاجة الماسة للعمل لنقص الجانب المادي لعائلتي، علمًا بأن أبي لا ينفق علينا، وأمي هي التي تنفق علينا بعملها في محل (البيتزا)، لكنها تعبت كثيرًا، وأملها الكبير في الله ثم فيَّ.
- تربُّصي خلال 3 سنوات في شركة التأمين، وأنها شركة جدُّ محترمة من حيث الموظفين.
- موافقة مدير شركة التأمين لو قمت بطلب عمل لديهم بأن يترك لي مجال لإتمام دراستي في الجامعة، بإعطائي يومين للجامعة، وهذا أمر شبه مستحيل لو عملت في شركة أخرى، هذا يعني أن دراستي في الجامعة هي السبب الذي لا يمكنني من أجله أن أتحصَّل على عمل في شركة أخرى.
السؤال: هل يمكنني العمل في شركة التأمين هذين العامين في حين ما أتم دراستي في الجامعة، وأتحصَّل على شهادة (الليسانس)، ثم أبحث عن عمل آخر؟ وهل عليَّ إثمٌ في هذه الحالة لو عملت في شركة التأمين؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
فقد سبق بيان حكم التعامل مع شركات التأمين بنوعَيْها: التعاوني والتجاري، في فتوى لنا على الموقع بعنوان (أسهم شركات التأمين)، وحكم العمل في شركات التأمين كحكم التأمين نفسه الذي فصلنا في حكمه في هذه الفتوى، فلا يجوز لك العمل فيها، ولا التعامل معها؛ لأن ذلك تعاونٌ على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 106].
واعلمي: أن السلامة في الدِّين لا يَعْدِلُها شيءٌ، وأنَّ مَنْ رَتَعَ حول الحِمَى أوشك أن يواقِعَهُ، وأن المؤمن يَفِرُّ من أماكن الفِتَن، ويستعيذُ بالله منها، وأنَّ مَنْ تَرك شيئاً لله عوَّضه الله خيرًا منه؛ كما صحَّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وجاء عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قوله: "إن رُوحَ القُدُس نَفَثَ في رَوْعي أنَّ نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطَّلَب، ولا يحملنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته" (رواه عبدالرزاق في "مصنفه" والبزار في "مسنده").
وروى أحمد والتِّرمذي عن أبي سعيد الخُدْري رضيَ الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ألا لا يمنعنَّ أحدكم رهبة الناس، أن يقول بحقٍّ إذا رآه أو شهده؛ فإنه لا يُقرِّب من أجلٍ، ولا يُباعِد من رزقٍ - أن يقول بحقٍّ أو يذكِّر بعظيم".
وقال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2-3]،، والله تعالى أعلى وأعلم.