مقولة: "بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الكمال البشري"

عبد الرحمن بن ناصر البراك

  • التصنيفات: عبارات وألفاظ لا تصح -
السؤال:

ما الكمال البشري؟ وهل يصح أن يقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ الكمال البشري. بمعنى أنه كامل كمالاً بشريًّا أم لا؟

الإجابة:

الحمد لله،

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:21]. فدلت الآيتان على أن الله خلق الجن والإنس لعبادته، وأن العبادة فرض على جميع الناس، ووصف أولياءه وأنبياءه وملائكته بالعبودية، فقال سبحانه للملائكة: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء:26]. وقال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63]. وقال سبحانه: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: 59].

ووصف محمدًا صلى الله عليه وسلم بالعبودية في أعلى المقامات؛ في مقام النِّذارة والدعوة وفي الإسراء، وفي مقام التحدي بالقرآن، فقال سبحانه: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجـن:19]. وقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]. وقال: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان:1]. وقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 23].

وشرف الإنسان وكماله بحسب تحقيقه لمقام العبودية، وأكمل البشر عبودية هم الأنبياء والرسل، وأكملهم على الإطلاق محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان سيد ولد آدم، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم (2378)، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يومَ القيامةِ، وأَوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنه القَبْرُ، وأولُ شَافعٍ وأولُ مُشَفَّعٍ". ومن كمال عبوديته كمال خلقه، وقد أقسم الله على ذلك في قوله: {نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم:1]. إلى قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

ومما يظهر الله به كماله يوم القيامة أن يبعثه المقام المحمود الذي يحمده به الأولون والآخرون، كما قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:79]. وذلك حين يتراد الأنبياء الشفاعة، ثم ينهض بها صلى الله عليه وسلم فيأتي ربه، قال: "فَإذا رأيتُ رَبِّي خَرَرْتُ له ساجدًا". ثُمَّ يقال له: "ارفَعْ رأسَكَ، وقُلْ تُسْمَعْ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ" (رواه البخاري (4476) ومسلم (193)، من حديث أنس، رضي الله عنه). والله أعلم.

تاريخ الفتوى: 29-11-1425 هـ.