الرقص للزوج على أنغام الموسيقى

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الزواج والطلاق - قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
السؤال:

امرأة طلب منها زوجها أن ترقص له على أنغام الموسيقى، وتقرأ روايات جنسية وهى ترفض، فماذا تفعل وهى خائفة منه ربما يطلقها؟

الإجابة:

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، أما بعد:

فرقص المرأة لزوجها على أنغام الموسيقى محرم لا يجوز فعله -لحرمة الاستماع إلى المعازف أو استعمالها، إلا الدف للنساء- حتى لو أمرها الزوج به إذا طاعة الزوج واجبة بإيجاب الله لها ولذا لو تعدى الزوج حدوده -مع الله سبحانه- وأمرها بالمعصية فلا طاعة له حينئذٍ.

فلو رقصت الزوجة لزوجها من غير معازف لجاز الأمر لأن للرجل أن يستمتع بامرأته كيف شاء مادام في حدود الشرع الحنيف.

وأما حرمة استماع المعازف أو استخدامها: فقد دل على ذلك الكتاب والسنة، والإجماع أما الكتاب فمنه قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم} نقل الإمام الطبري في تفسيره عن عبد الله بن مسعود: الغناء والذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات، وروى عن ابن عباس قال: هو الغناء ونحوه، ونقله عن جابر بن عبد الله ومجاهد وعن خلق كثير.

وأما السنة فمنها: حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون ، والحر، والحرير، الخمر والمعازف" (أخرجه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، فهو صحيح، ووصله أبو داود وابن حبان وغيرهما).

ولفظ (المعازف) عام يشمل جميع آلات اللهو، وقوله صلى الله عليه وسلم (يستحلون)؛ أي يجعلونها حلالاً بعد أن كانت حرامًا، وهذا من أقوى الأدلة على تحريم المعازف.

ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: "صوتان معلونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة" (رواه البزار والضياء عن أنس).

أما الإجماع -على تحريم استماع المعازف– فحكاه القرطبي، وأبو الطيب الطبري، وابن الصلاح، وابن رجب الحنبلي، وابن القيم، وابن حجر الهيتمي، وغيرهم؛ قال الإمام أبو العباس القرطبي: "أما المزامير فلا يختلف في تحريم استماعها ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ومهيج الشهوات والفساد والمجون وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ولا تفسيق فاعله وتأثيمه". وعدَّها ابن حجر الهتيمي من الكبائر في كتابه "الزواجر" .

أما قراءة الكتب الجنسية -وغالبًا ما تذكر فيها قصص اغتصاب وزنا محارم وتشرح كيفيات التقاء الرجل بالمرأة للتشويق المحرم- فإنها لا تجوز قراءتها ولا النظر فيها؛ ولو احتوت على بعض ما هو مشروع ، تغليبا لجانب التحريم ، وذلك لما فيها من الحث على الفواحش والمنكرات ، وتهييج الغرائز والشهوات ، وتشتد حرمة مثل هذه الكتب إذا احتوت على الصور العارية للرجال والنساء، لأن النظر إلى العورات مقطوع بتحريمه في القرآن، فقد قال الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30]، وقال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} [ النساء :19]، وهو أمر عام يشمل جميع نواحي العشرة .

إذا تقرر هذا فاعلمي أنه لا طاعة لزوجك عليك فيما يأمرك به من معصية الله؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوقفي معصية الله عز وجل" (رواه أحمد في المسند).

وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف" (متفق عليه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه).

وقال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف}، ومن ذلك المعاشرة الجنسية.

واعلمي –رعاك الله– أنه يجب عليك أن تنصحي زوجك -بلطف وهدوء وبغير توتر أو إثارة- أن يتقي الله فيك، وأن يحرص على بناء بيت مسلم يقوم على تعاليم الإسلام، وهدي القرآن وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولن يتأتَّى ذلك إلا بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته، وقد تكفل الله لأهل طاعته بالسعادة والطمأنينة؛ قال سبحانه: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنُحيينه حياة طيبة} [النحل:97]، وغض الطرف عما حرم الله والقناعة بما أحله الله من الحلال من البدائل والوسائل التي يمكن أن يتحقق بها مايريد من إثارة الغريزة الجنسية؛ كالمداعبة ونحو ذلك، وأكثري من الدعاء له بصلاح الحال، والزمي الاستغفار وذكر الله، وفقكما الله لرضاه.

يجوز للمرأة أن تثير زوجها ولكن في حدود الآداب الإسلامية التي هي شعار المسلمين التي تميزهم عن غيرهم.

فإن المرأة يجب عليها تمكين زوجها من الاستمتاع بها بالطرق المعتادة عند ذوي الفطر السليمة والأذواق الطبيعية، عدا ما لا يحل فإنها لا تجب عليها فيه طاعته مثل الرقص.

ولذا ننصح الأخت باتخاذ الحكمة في مثل هذه المسائل، وبالتفاهم فيها بالرفق، ولتعلم أن عدم وجوب طاعتها لزوجها لأن الأمر محرم وبالتالي فلا طاعة له فيه.