لبس الأحمر للرجال

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الملبس والزينة والترفيه -
السؤال:

هل يجوز للرجال أن يلبسوا ملابس حمراء اللون؟

الإجابة:

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبة ومن والاه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في مشروعية لبس الثوب الأحمر للرجال على سبعة أقوال، ذكرها الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، وذهب الجمهور إلى الجواز، وهو قول المالكية والشافعية، وبعض الحنفية والحنابلة؛ واحتجوا بما في "الصحيحين" عن البَرَاء بن عَازِب رضي الله عنه قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعاً، بعيدَ ما بين المنكبين، له شعرٌ يبلغ شَحْمَة أذنه، رأيته في حُلَّةٍ حمراءَ، لم أر شيئاً قطُّ أحسنَ منه".

وفيهما عن أبي جُحَيْفَة رضي الله عنه قال: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم في حُلَّةٍ حمراءَ مشمِّراً ... صلَّى إلى العَنَزَة بالناس ركعتين".

وعن عامر المُزَنِيِّ رضي الله عنه عند أبي داود، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنىً، وهو يخطب على بغلةٍ، وعليه بُرْدٌ أحمر" (أخرجه أبو داود).

وأخرج البيهقي، عن جابر: "أنه كان له صلى الله عليه وسلم ثوبٌ أحمر، يلبسه في العيدين والجمعة".

وذهب الحنفيَّة والحنابلة إلى كراهة لبس الأحمر، واحتجُّوا بأحاديثَ غير ناهضةٍ للاحتجاج؛ منها:

ما روي عن رافع بن خَدِيج رضي الله عنه عند أبي داود، قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر؛ فرأى على رواحلنا وعلى إبلنا أكسيةً، فيها خيوطُ عِهْنٍ حُمْر؛ فقال: ألا أرى هذه الحمرة قد عَلَتْكُم؟! فقمنا سراعاً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذنا الأكسية؛ فنزعناها عنها" وهو حديث ضعيف، لا تقوم به الحجة.

واحتجوا أيضاً بالأحاديث الواردة في تحريم المُعَصْفَر، كحديثٍ عليٍّ رضي الله عنه قال: "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّخَتُّم بالذهب ... وعن لباس المُعَصْفَر" (رواه مسلم).

والمُعَصْفَر: هو المصبوغ بالعُصْفُر -وهو الأصفر المشرب بالحمرة- كما في كتب اللغة وشروح الحديث؛ فهو أخصُّ من الدعوى.

قال ابن قدامة في "المغني" -بعد ما حكى الكراهة عن الحنابلة-: "والأحاديث الأُوَل– حديث أبي جُحَيْفَة والبَرَاء رضي الله عنهما أَثبتُ وأَبْيَنُ في الحكم". ثم قال: "ولأن الحُمْرَة لونٌ؛ فهي كسائر الألوان". وقال الحافظ العراقي في "طرح التَّثْريب": "وأحاديث الإباحة أصحُّ". وقال الشَّوْكاني في "النَّيْل": "فالواجب البقاء على البراءة الأصلية، المعتضدة بأفعاله صلى الله عليه وسلم الثابتة في الصحيح، لاسيما مع ثبوت لبسه لذلك بعد حجة الوداع، ولم يَلْبِث بعدها إلا أياما يسيرة".

وعليه فيجوز لبس الأحمر للرجال،،، والله أعلم.