متى تبرأ ذمة المستفتي بالسؤال

عبد الرحمن بن ناصر البراك

  • التصنيفات: فتاوى وأحكام -
السؤال:

ما السبيل الذي تبرأ به ذمة المستفتي عند السؤال؟ لما تعلمون بارك الله فيكم من كثرة المفتين في هذا الزمان.

الإجابة:

الحمد لله،

الواجب على المسلم أن يتقي الله ما استطاع في جميع أمور دينه كما قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، ومعنى هذا أن كل واجب منوط بالقدرة، فمن فعل ما يقدر عليه واجتهد في ذلك فقد أحسن وقد امتثل أمر ربه، ومن ذلك أنه يجيب على من أشكل عليه أمر في دينه أن يسأل أهل العلم؛ ليعرف الحلال من الحرام، والواجب من غيره، ويجب عليه في هذه الحال أن يجتهد في معرفة من يكون أعلم وأنصح بحسب وسعه، كما عليه أن يحذر من اتباع الهوى في استفتائه، فلا يحل له أن يهتم بسؤال من يجد عنده ما يحقق شهوته وهواه، بل عليه أن يتحرى من يبين له شرع الله وإن كان على خلاف هواه، وعلى هذا فلا يليق بالمسلم أن يسأل أدنى من يمكن أن يفتيه مع قدرته على سؤال من هو أعلم منه، كما أنه لا يجوز له أن يقصد إلى من يُعرف بالتساهل ومجاراة أهل الزمان بتحقيق ما يوافق رغباتهم، وليس عليه أن يقصد من يعرف بالتشديد الذي يخرج به عن موجب الشريعة، وأؤكد على وجوب التحري وحسن القصد في الاستفتاء، وأن يكون مقصود المستفتي هو معرفة الحق في تلك المسألة التي يسأل عنها، ومن اتقى الله في ذلك ما استطاع فإنه حري أن يوفقه الله لمن يفتيه بالصواب، قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

وبما سبق يتبين الجواب عما إذا تعارضت الفتاوى واختلف المُفتون، فعلى صاحب المسألة أن يفعل في هذه الحال كما يفعل فيما إذا اختلف طبيبان في حالة من الحالات العلاجية، فإن كل عاقل لا بد أن يؤثر من يكون أعلم وأنصح في هذه المهنة، فإن هذا هو موجب العقل والحكمة، وصحة الأديان أهم من صحة الأبدان، والله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. والله أعلم.

تاريخ الفتوى 20-11-1425 هـ.