استمرار الدورة
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الطهارة - أحكام النساء -
يستمر نزول الدم بعد الدورة الشهرية، وذلك بعدما قمت بتركيب وسيلة لمنع الحمل، ويستمر معظم الشهر حتى الدورة التالية لا ينقطع إلا يومين أو ثلاثة أيام، فهل أصلى؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق بيان الحكم الشرعي في استخدام وسيلة لمنع الحمل، وذلك في الفتوى المنشورة بعنوان: (حكم تحديد النسل واستخدام موانع الحمل) على الرابط التالي:
أما حكم الدم النازل طوال الفترة المذكورة فإنه لا يخلو من إحدى حالات ثلاث:
الأولى: أن تكون لك عادة معلومة، كأن تكون عادتك سبعة أيام أو ستة أيام مثلاً، ففي هذه الحالة تجلسين أيام عادتك المعروفة قبل أن تُصَابِي بتلك الاستحاضة، ثم تغتسلي ولكِ حكم الطَّاهِرات غير أنك تتوضَّئين لكل صلاة؛ فعن عائشة قالت: إن أم حبيبة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "امكثي قدر ما كانت تَحْبسُكِ حَيْضَتُكِ، ثم اغتسلي وصَلِّي" (رواه مسلم)، وعنها أن فاطمة بنت أبى حُبَيْش سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصلاة فقال: "لا، إن ذلك عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلِّي" (رواه البخاري).
وعن أم سَلَمَةَ أنها استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة تُهَرَاقُ الدم، فقال: "لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تَحِيضُهُنَّ، وَقَدْرَهُنَّ من الشهر، فتدع الصلاة، ثم لتغتسل، وَلْتَسْتَثْفِرْ ثم تصلي" (رواه أحمد وأبو داود والنسائي)، والأحاديث تدل على أن المُسْتَحَاضَةَ ترجع إلى عادتها إذا كانت لها عادة وتغتسل عند مُضِيِّها.
الثانية: أن لا تكون لك عادة محددة، ولكنك تميزين الدم، إما باللون أو الرائحة، فدم الحيض أسود ثخين محتدم له رائحة ويولِّد للمرأة آلاماً، ففي هذه الحالة تعملين بالتمييز فما كان موافقاً لهذه الوصف فهو حيض، وما خالف فهو استحاضة.
قال الشوكاني: "ويمكن الرجوع بأن المراد بقوله : "أقبلت حَيضَتُكِ" الحيضة التي تتميز بصفة الدم. أو يكون المراد بقوله: "إذا أقبلت الحَيْضَة" في حق المعتادة، والتمييز بصفة الدم في حق غيرها، وينبغي أن يُعْلَم أن معرفة إقبال الحَيْضَةِ قد يكون بمعرفة العادة، وقد يكون بمعرفة دم الحيض، وقد يكون بمجموع الأمرين".
الثالثة: ألا تكون لك عادة، أو كان لك عادة ولكن نسيتِهَا، وكذلك لا تستطيعين تميز دم الحيض من غيره، فإذا كان كذلك فإنك تجلسين إلى أقصى أيام الحَيْضِ، وهي خمسة عشر يوماً، ثم بعدها تغتسلين وتُصَلِّين، وإن استمر الدم فما تجاوز منه الخمسة عشر يوماً فهو استحاضة، وهو قول أكثر أهل العلم؛ ففي "المدونة": "قال ابن نافع عن عبد الله بن عمرو عن ربيعة ويحيى بن سعيد وعن أخيه عبد الله أنهما كانا يقولان: أكثر ما تترك المرأة الصلاة للحيضة خمس عشرة ليلة ثم تغتسل وتصلي".
وفي "كشاف القناع": "(وأكثره) أي: الحيض (خمسة عشر يوماً بلياليهن؛ لقول علي: ما زاد على الخمسة عشر استحاضة"،، والله أعلم.