شراء الماكينات المسروقة
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه المعاملات -
والدي اشترى ماكينات من شخص، مع علمه بأنها مسروقة، فما حكم الشرع في ذلك؟ وما حكم الشرع في مال أخذته منه واستعملته في التجارة؟
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم الإقدام على شراء بضاعة مسروقة، وهي من المال المحرَّم لعينه، الذي لا يحل لأحدٍ أن يتملكه ولو بطريق الشراء؛ فمن شروط صحة البيع: ملك البائع لما يبيعه.
وما دام البائع سارقاً فهو غير مالك؛ فالبيع باطل، والمشتري أحد السارقين، ويجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ولا يعود إلى مثل هذه الأمور، وكذلك يجب عليه أن يرد تلك البضاعة إلى مالكها الشرعي، إن كان يعرفه، فإن كان قد باعها قبل أن يردها إليه، فليرد إليه قيمتها، فإن لم يكن يعرفه في الحال، فليبحث عنه، فإن يئس من معرفته، فليتصدق بتلك البضاعة، وينصح السارق ليرتدع عن فعله، فإن أصر فليخبر الجهات المسؤولة عنه، وليأخذ الثمن الذي دفعه لذلك السارق إن أمكنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمتُ أنه سرق مالاً، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق - لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم".
وقال أيضا: "... فتلك -المسروقات- لا يجوز شراؤها لمن يتملكها، لكن إذا اشتُريت على طريق الاستنقاذ لتصرف في مصارفها الشرعية، فتعاد إلى أصحابها إن أمكن، وإلا صرفت في مصالح المسلمين".
وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء: "إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع أنها مسروقة، أو مغصوبة، أو أن مَن يعرضها لا يملكها ملكاً شرعيّاً، وليس وكيلاً في بيعها - فإنه يحرم عليه أن يشتريها؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي؛ ولما في ذلك من ظلم الناس، وإقرار المنكر، ومشاركة صاحبها في الإثم؛ قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] .
وعلى ذلك ينبغي لمن يعلم أن هذه السلعة مسروقة أو مغصوبة، أن يقوم بمناصحة من سرقها برفق ولين وحكمة؛ ليرجع عن سرقته، فإن لم يرجع وأصر على جرمه، فعليه أن يبلغ الجهات المختصة بذلك؛ ليأخذ الفاعل الجزاء المناسب لجرمه، ولرد الحق إلى صاحبه ، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى؛ ولأن في ذلك ردعاً للظالم عن ظلمه، ونصرة للمظلوم.اهـ.
وأما المال الذي أخذته من والدك؛ فلا حرج عليك فيه؛ لأن الظاهر أن والدك ماله مختلط فيه الحرام والحلال، إلا إن كنت تعلم أنه عين المال المسروق، فلا يحل لوالدك ولا لك.
واعلم أنه يجب عليك النصح لوالدك، بتحري الحلال وتجنب الحرام؛ فإن كل جسم نبت من حرام، فالنار أولى به،، والله أعلم.