الطلاق عن طريق الهاتف

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: أحكام الطلاق -
السؤال:

امرأة طَلَّقها زوجها طلقة أولى عن طريق الهاتف، وهو مُسافِر عنها في دولة أخرى؛ لمشاكل عائلِيَّة، هل يقع هذا الطلاق، وإذا وَقَع ما هي عدَّتُها، علمًا بأنه طَلَّقها يوم 1/8/2007، وقد مرَّ عليها حَيْضَتان وليس ثلاثة؛ لأنها شرِبَت دواءً لمنع الحَيْض في شهر رمضان، واليوم هو 29/10/2007، ماذا تفعل؟

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فالطَّلاق عَبْر الهاتف نافِذ كَسائِر الطُّرق التي يَنفَذ بها الطَّلاق، وما دام الزوج قد طلَّق امرأتَه عَبْر الهاتف؛ فهذا الطلاق ماضٍ ونافِذٌ.

فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى؛ فتُحسَب طلقة واحدة، وله أن يُراجِع خلال فترة العدة بالقول أو بالفعل، وبدون مهر ولا وَلِيٍّ ولا عقد جديد.

والمراجعة بالقول: كأن يقول لك: راجَعْتُك، أو ارتَجَعتُك إلى نكاحي.

أو غير ها من الألفاظ التي تُفهَم منها المراجَعة.

وأما الرَّدُّ بالفعل: فقد ذهب الحنفية إلى أن الجماع ومُقدَّماتِه؛ كاللَّمس والتَّقبيل ونحوهما بشَهوة تَحصُل به الرَّجعَة.

وذهب المالِكيَّة إلى صِحَّة الرجعة بالفعل؛ كالوَطْء ومقدماته؛ كالتقبيل بشهوة بشرط أن ينوي الزوج بهذه الأفعال الرَّجعة. وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَة،

وذهب الشافعيَّة إلى عدم صحة الرجعَة بالفعل مُطْلقًا سواء كان بوطء أو مقدماته، وسواء كان الفعل مَصحوبًا بِنية الزوج للرَّجعَة أو لا. وذهب الحنابلة إلى أن الرَّجعَة تَحصُل بالوطء، ولو لم يَنوِ الرَّجعَة، ولكن لا تَحصُل بمقدماته في الرواية المعتمدة في المذهب.

فإذا راجَع الزوج زوجته قبل انقضاء العدة قولًا أو فعلًا أصبحت زَوجتَه، وتبقى له طلقتان، فليحذر.

أما إذا انقضت العِدَّة فلا بد للرَّجعَة من عَقْد ومَهر جديدين.

هذا، ومن المعلوم أن عِدَّة المُطَلَّقة التي يمكن أن تحيض ثلاثة قروء؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، والقروء جمع قِرْء، والمراد به الحيض على الرَّاجِح من قولي أهل العلم، قال ابن القيم: "إن لفظ القُرْء لم يستعمل في كلام الشَّارِع إلا للحيض، ولم يَجِئ عنه في موضع واحد استعمالُه للطُّهْر".

والحيضة التي تُطَلَّق فيها لا تُحسَب من عِدَّتها بغير خلاف بين أهل العلم، كما قال ابن قُدامة في "المغني".

وعليه فلِزوجِك مُراجَعَتُك ما دامت لم تَمُر عليك إلا حَيْضتان؛ لأن المُعتَبَر هو نزول الحيضة، وحيث إنك أخذت دواءً يُؤخِّر الدورة فلا زِلتِ مُعتَدَّة؛ لأن العِبْرة في حَقِّ من تَحيض بمجيء الحيض، وليس بعدد الأيام أو طول المدة بين الحَيْضتَين،، والله أعلم.