الجمع بين صوم الكفارة وعاشوراء

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الصيام -
السؤال:

أنا عليَّ ثلاثة أيام صوم بسبب أنِّي حلفْتُ يمينًا ونقضتُ الحلِف فصُمتُ من ضِمنِ الأيام الثلاثة يوم تاسوع وعاشوراء وتبقى علي يوم واحد، فهل يقبل صومي أم يجب أن تكون الأيام خارجة عن الأيام المفضلة للصوم وأيضا هل يجب أن تكون متتالية؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فما ذكره السائل الكريم يُعرَفُ عند أهل العلم بِمسألة تشريك النية، وهي: الجمع بين عبادتَيْنِ من جنسٍ واحدٍ بنيَّة واحدة.

وقد أجازه الجمهور في العبادات الَّتِي مبناها على التداخل؛ كغُسْلَيِ الجمعة والجنابة، أو الجنابة والحيض، وهكذا.

وكذلك في العبادات الغير مقصودة بذاتِها مثل تحيَّة المسجد والركعتين بعد الوضوء حيث يُجْزِئُ عنهما صلاةُ فرض أو سُنَّة أخرى؛ لأنَّ المقصود هو شغل المكان بالصلاة، والصلاة عقب الطهارة، دون قصدِ صلاةٍ معيَّنة وقد حصل.

أمَّا تشريك النية في العباداتِ المقصودة بذاتِها كصلاة أربع ركعات عنِ الظُّهر وسنته، فلا يصحُّ، وسواء كان التشريك بين فرضَيْنِ أو فرض وسنة أو سُنَّتين.

فلا يصح صيام أيَّام بنيَّة الكفَّارة والقضاء، أو المنذور مع الستَّة من شوَّال بنيَّة واحدة، لأن القضاء والنذر والستة من شوال كلها عبادات مستقلَّة ومقصودة لذاتِها؛ ولعدم وجود دليلٍ صحيحٍ على أصل مسألة التَّشريك.

قال الزركشي في "المنثور من القواعد الفقهية": قال المرعشي تشريك النِّيَّة مع (الفرض لا يجوز) إلا في خَمسة مسائل: الحج الواجب إذا قرنه بعمرة تطوُّع, ومن توضَّأ يريد الوضوء (والتَّبرُّد) ومن اغتسل للجنابة والجمعة, والإمام ينوي الخروج من الصلاة والسلام على المأمومين فيجوز (والمأموم) ينوي الخروج منها والردَّ على الإمام فيجوز.

وعليه؛ فمن كان عليه صيام كفارة يمين، فلا يصحُّ أن يجمعه مع صوم التَّطوُّع بنيَّة واحدة، لأنَّ كلاًّ منهما عبادة مقصودة بذاتها، ولا تندرج إحداهُما تحت الأخرى.

وما دمتَ قد صُمْتَ اليومين بنيَّة الكفَّارة وتطوُّع يوم عاشوراء، فالأولى والأحوط لبراءة الذِّمَّة هو إعادة صيام يومَيِ الكفَّارة لأن الأصل هو تعيين نية الفرض وقصرها عليه، وخروجًا من الخلاف حيثُ قيل: يصحُّ الصوم عن القضاء، وقيل: عن النفل، وقيل: لا يقَعُ عن واحدٍ منهما.

أمَّا اشتراط التتابع في صيام الكفارة فقدِ اخْتَلَفَ فيه الفُقهاءُ, فذهب الحنفيَّة وهو الأصحُّ عند الحنابلة, وقول عند الشافعيَّة: إلى وجوب التتابع, واحتجُّوا بقراءةٍ جاءت عن ابن مسعود (فصيامُ ثلاثةِ أيَّام متتابعات)، قالوا: فيجِبُ العملُ بِها كخبر الواحد، وبالقياس على كفَّارة القتل الخطإ، والظهار.

وذهب المالكيَّة والشافعي في الأظهر والظاهرية إلى أنَّه لا يَجب تتابُعُها، فيجوزُ صومُها متتابعةً أو متفرِّقة، وهو الرَّاجحُ؛ لأنَّ الآية مطلقة، ولأن آية اليمين نَسَخَتْ (متتابعات) تلاوةً وحُكمًا فلا يستدلُّ بِها.

وأجابوا عن القياس بأنَّه ليس بأولى من القياسِ على قَضاء رمضان، وليس أحدُ الأصلَيْنِ في التَّتابُع بأولى من الآخر.

قال أبو محمد بن حزم في "المحلى": "وأمَّا قراءة ابن مسعود فهي من شرق الأرض إلى غربِها أشهَرُ من الشمس من طريق عاصمٍ، وحمزةَ، والكسائيِّ ليس فيها ما ذكروا ... فإذْ لم يَخصَّ الله تعالى تتابُعًا من تفريق، فكيفما صامَهنَّ أجزأه".

هذا وليعلم السائل أن كفارة اليمين في الأصل إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يستطع صام ثلاثة أيام، فإن كنت تستطيع الإطعام فلا تذهب للصيام،، والله أعلم.