أحكام المولود
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: العقيقة وأحكام المولود -
زوجتي حامل وإنْ شاء الله هي على وَشَكِ الوَضْعِ. أريد أن أعمل العقيقة في مصر وأنا بالسعودية، وسؤالي: ما شروطُ العقيقة وهل ينفَعُ أن تكونَ الماشية من الغنم أنثى؟ وما هو الواجبُ عملُه لِلطِّفل عند الولادة وبعدها كما قال الإسلام؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ التوكيل بذَبْحِ العقيقة في بلدٍ غَيْرِ بلدِ إقامتِكَ جائزٌ شرعًا، ولا نعلَمُ ما يَمنع منه في الشَّريعة الإسلاميَّة، والأصلُ الإباحةُ حتَّى يأتي دليلٌ بالحظر، وإنْ كان الأوْلى ذبحها ببَلَد إقامة العاق إلاَّ أن يَكونَ التوكيل بذبْحها في البلدِ المذكورِ فيه صلةٌ للأقارب أو الفقراء والمُحتاجين وغيْرِهم.
قال الدِّمياطي في "إعانة الطالبين": "ويَجوزُ التَّوكيلُ في شراء الأضحية والعقيقةِ وفي ذبْحها، ولو ببلدٍ غيْرِ بلدِ المضحِّي والعاقّ كما أطلقوه؛ فقد صرَّح أئمَّتنُا بِجواز توكيل مَن تَحلُّ ذبيحته في ذبح الأضحية، وصرَّحوا بِجواز التَّوكيل أو الوصيَّة في شراء النعم وذبْحها، وأنَّه يُستَحَبُّ حضور المضحِّي أضحيته ولا يَجب، وألْحقوا العقيقةَ في الأحكام بالأضحية، إلاَّ ما استثْنِي، وليس هذا مِمَّا استثْنَوه، فيكون حكْمُه حكم الأضحية في ذلك، وبيَّنوا تفاريع هذه المسألة في كلٍّ من باب الوكالة والإجارة فراجِعْه، وقد كان عليه الصلاة والسلام يبعَثُ الهدْيَ من المدينةِ يُذْبَحُ له بِمكَّة؛ ففي "الصَّحيحَيْن": قالت عائشة رضي الله عنها: أنا فَتَلْتُ قلائد هدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثُمَّ قلَّدها النبي صلى الله عليه وسلم بيَدِه، ثُمَّ بَعَثَ بِها مع أبي بكر رضي الله عنه.
وبالجُملة فكلام أئمَّتِنا يُفيد صحَّة ما ذُكِرَ، تَصريحًا وتلويحًا، متونًا وشروحًا".
وقال الهيتمي: "وأمَّا العقيقةُ ...... فلم يعتبر فيها بلدُ الولدِ بل العاقِّ ... فالسُّنِّية متَّفقٌ عليها وإنَّما التَّردُّد في أيّ المحال أولى بالإخراج، وبلدُ العاقّ أوْلى به لِلمعنَى الذي قرَّرناه، والظَّاهر أنَّه لو أخَّر أو أرسلَ إلى بلدِ الولد وفُعِلَت فيها أجزأت" اهـ.
أمَّا حكم العقيقة فهي سُنَّة مؤكَّدة؛ لما روى البُخاريُّ عن سلمانَ بن عامٍر الضَّبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مع الغُلام عقيقةٌ، فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنْه الأذَى".
ورَوَى أحْمَدُ والنَّسائِيُّ أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "مَنْ أحبَّ أن ينسكَ عن ولدِه فلْيَنْسكْ عنه: عن الغلامِ شاتانِ مكافأتانِ وعنِ الجارية شاة" (وصحَّحه الألباني)، والمكافأتانِ: المشبهتانِ تُذْبَحان.
وروى أصحاب السُّنَنِ عن سَمُرة رضي الله عنْه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: "كُلُّ غُلامٍ مُرْتَهَن بعقيقته، تُذْبَحُ عنْهُ يومَ سابِعه، ويُحْلَقُ ويتصدَّق بوَزْنِ شَعْرِه فضَّة أو ما يعادِلُها ويسمَّى".
ويُذْبَح عنِ الغُلام شاتانِ وعن الجارية شاة؛ لِما رواه التّرمذيُّ عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم "أمَرَهم أن يُعقَّ عن الغلام شاتانِ مكافِئتان، وعن الجارية شاة".
ويُسَنُّ أن تُذْبَح يوم السَّابع للولادة، فإنْ لَم يتمكَّن في هذا الوقت- لضيق الحالِ أو غَيْرِ ذلك- فلَهُ أن يَعُقَّ بعد ذلك إذا تيسَّرتْ حالُه، من غيْرِ تَحديدٍ بِزَمن معيَّن، إلا أنَّ المُبادَرَة مع الإمكان أَبْرَأُ للذِّمَّة.
وتُجزئُ العقيقةُ بالغَنَم، سواءٌ كانتْ أُنْثَى أم ذكر.
ولا يُباعُ جِلْدُها ولا شيءٌ من لَحمها وإنما يؤكَلُ منها، ويتصدَّق، ويهدى؛ قال ابن حزم في "المُحَلَّى": "العقيقة يُؤْكَلُ منها ويُهْدَى ويُتَصَدَّق".
أمَّا ما يَجِبُ فعْلُه عند استقبالِ مولودٍ جديدٍ، فهُناك أحكام كثيرة تتعلَّق بالمولودٍ، وسوف نذكرُها مُجملة وهي:
1- العقيقةُ وهي ذبح شاتَيْنِ عن الغُلام، وشاةٍ عن الجارية، وقد سبق بيان الأدلَّة.
2- يُحنَّك بتمرةٍ تُمْضَغُ له؛ لِما جاء في الصحيحين من حديث أنس في قصة وفاة ابن أبي طلحة رضي الله عنه، ثم ولد له مولود آخر، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم أخذ تمرات فمضغها ثم جعلها في فيِّ الصبي وحنَّكه.
3- حلْقُ رأسِه والتَّصدُّق بوزْنِه من الفِضَّة؛ لحديث سمرة المتقدم ذكره: "كُلُّ غُلامٍ مُرْتَهَن بعقيقته، تُذْبَحُ عنْهُ يومَ سابِعه، ويُحْلَقُ ويتصدَّق بوَزْنِ شَعْرِه فضَّة أو ما يعادِلُها ويسمَّى"..
4- تسميته؛ كما في الحديث السابق.
5- ختانُه؛ فعَنْ أبي هُريْرَةَ قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "الفطرةُ خَمسٌ أو خَمسٌ من الفِطْرة: الختان، والاستِحْداد، ونتْف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشَّارب" (متَّفق عليه).
واللهَ نسألُ أن يبارِكَ لَكَ في المولود القادِم، وأن يَجعله من الصَّالِحين الأتقياء.