نظام المرابحة في البنوك الإسلامية

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه المعاملات -
السؤال:

أنا شابٌ أعمل في إحدى الدول الخليجية، ولي ثلاث أخوات بنات، وقد تركت بلدي للعمل؛ سعيًا لادِّخار بعض المال لإعانة أهلي بشكل يسير، والهدف الأساس هو إعانة نفسي على حوائج الدنيا.

قمتُ بالخِطبة العام الماضي، ومن المفترض أن اقوم بشراء الشقة هذا العام وإتمام زواجي، ومما لاشك فيه أنكم تعلمون ظروف الحياة وارتفاع الاسعار والنفقات وخلافه.

بدون إطالة؛ أنا عميل في بنك إسلامي، وقد ذهبت وسألت عن حلول ماليَّة تناسب احتياجاتي، وتعينني على إتمام الزواج، وعلمت أن لديهم حلاًّ إسلاميًّا، وهو إعطائي المبلغ المطلوب بنظام المرابحة الإسلامي، وسألتهم: كيف هذا؟

فأرشدوني إلى أنهم يتعاقدون مع شركة، ويقومون بشراء مواد بناء أو أطعمه وبيعها إليَّ بالقيمة التي أطلبها، ثم يجري إعادة بيعها الي شركة أخرى، ثم يعطونني المبلغ في يدي مقابل مبلغ هيِّن جدًّا للشركة التي تشتري هذه السلع منهم، وبهذا فإنني قد اشتريتُ سلعًا منهم، وقمت ببيعها من خلالهم، وأخذت المبلغ لي في النهاية - أي قام البنك بدور الوسيط بيني وبين المشتري.

أود أن أسأل وأأخذ فتواكم في نظام المرابحة هذا: هل هو نظام إسلامي متطابق مع الشريعة الإسلامية، وهل يعتبر حلاًّ لفكِّ ضيق أو تيسير أمر الزواج، ولا يدخل تحت بنود الرِّبا؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، ثم أما بعد:

فإن كان المصرِف الإسلامي المشار إليه يقوم بشراء السِّلعة لنفسه من مواد بناءٍ أو أطعمه، ويتملكها ويحوزها إلى ملكه ولا تبقى عند الذي اشتراها منه، ثم يبيعها لكَ بالتَّقسيط وأما توكيل المصرف الذي اشتريت منه السلعة ليبيعها لك فلا يجوز؛ لأن صورة الربا موجودة في هذه المعاملة، بل لا يجوز لك بيعها وهي عنده، فلابد أن تحوزها أنت وتنقلها في ملكك، ثم تقوم أنت بتوكيل المصرِف ببيعها، وتحصل من جرَّاء ذلك على المبلغ المطلوب -: فلا حرج في ذلك - إن شاء الله تعالى - وهي مسألة (التَّورُّق) المعروفة عند أهل العلم؛ ومعناها: أن المشتري قَصْدُهُ الحصول على الوَرِق (النَّقْد)، وليس قصده الحصول على السِّلعة، وإنما يشتريها للانتفاع بالمال وحسب، والصَّحيح أن التورق جائز مطلقًا، وهو قول جماهير أهل العلم؛ لعدم وجود ما يدلُّ على المنع.

قال في "الرَّوْض المُرْبِع": "ومَنِ احتاج إلى نَقْدٍ، فاشترى ما يساوي مائةً بأكثر ليتوسَّع بثمنه - فلا بأس، وتسمى مسألة (التَّوَرُّق)، وذكره في "الإنصاف" وقال: هو المذهب، وعليه الأصحاب".

وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي: "أن بيع المرابحة للآمِر بالشراء، إذا وقع على سلعةٍ بعد دخولها في مِلْك المأمور وحصول القَبْض المطلوب شرعًا - هو بيعٌ جائزٌ؛ طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التَّلف قبل التَّسليم، وتَبِعَة الردِّ بالعَيْب الخفيِّ ونحوه من موجبات الردِّ بعد التَّسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه"؛ كما في "مجلة المجمع"،، والله أعلم.