حرق جثث توسنامي
خالد بن علي المشيقح
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
هل يجوز حرق الجثث في جنوب شرق آسيا بعد الحادث الأخير تعللاً بالخوف من تفشي الأمراض، وحفاظاً على مصلحة الأحياء؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حرق جثث بني آدم هذا محرّم ولا يجوز؛ لأن حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً، ويدل لهذا حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كسر عظم الميت ككسره حياً" (أخرجه أبو داود وإسناده صحيح).
وكذلك في حديث أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها" (أخرجه مسلم في صحيحه)، وكذلك نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الكتابة على القبور والجلوس عليها، فقد أخرج الإمام أحمد في المسند وأبو داود والنسائي بسند صحيح من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقعد على القبر وأن يجصَّص أو يبنى عليه، ومن حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتب على القبر شيء (أخرجه ابن ماجة والحاكم بسند صحيح).
وكل هذه الأدلة الشرعية تدل على بقاء حرمة الميت بعد موته؛ ولهذا شُرع أن يُغسَّل، وأن يُكفَّن، وأن يطيَّب، وأن يُقبر في مقابر المسلمين، فيُدفن مع إخوانه المسلمين، وأن يُصلى عليه، وأن يُدعى له بالرحمة، وهذا كله مما يدل على تعظيم شأنه وعدم إهانته أو الاستخفاف به؛ ولهذا نص العلماء رحمهم الله على أن حمل الميت بطريقة مزرية به غير جائز.
ومن هذا كله يتبين أن الإسلام عُنِي بشأن الميت المسلم، وأبقى حرمته، ومن محاسنه كذلك أنه شرع تغسيله وتكفينه وتطييبه والدعاء له والصلاة عليه.. إلخ.
وأما القول بأن هذا يؤدي إلى تفشي الأمراض فيتأذى الأحياء، فهذه كلها أمور ظنية ليست يقينية، فلا يُهدر الأمر المعلوم من الدين وهو ما يتعلق بحرمة المسلم من أجل أمور ظنية، والله تعالى أعلم.
تاريخ الفتوى: 25/10/1426 هـ - 2005-11-27.