مشاهدة القنوات الفضائية في رمضان

خالد بن علي المشيقح

  • التصنيفات: فقه الصيام -
السؤال:

أوقات شهر رمضان مباركة، وكثير من الناس مع الأسف يقضون معظم أوقاتهم أمام القنوات الفضائية المثقلة بالبرامج لإلهاء الناس مع ما فيها من فجور وعري، فهل الذنوب تتضاعف في هذا الشهر؟ وهل هذا يؤثر في الصوم؟

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أولاً: أنصح إخواني المسلمين بتعظيم شعائر الله عز وجل، ومن شعائر الله عز وجل شهر رمضان، والله عز وجل يقول: {ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، ويقول سبحانه: {ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30]، ومن تعظيم شعيرة الصيام هو عدم اقتراف الذنوب فيها، وامتثال الأمر واجتناب النهي، والمبادرة والمسارعة إلى فعل الخيرات من أداء الصلوات في أوقاتها في المساجد، وقراءة القرآن، والصدقة، وصلة الأرحام والبر بهم إلى غير ذلك؛ لأن الحكمة من مشروعية الصيام هي تقوى الله عز وجل، كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يكثر من العبادات، من قراءة القرآن ومن الصلاة ومن الصدقة، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة" (أخرجه البخاري في صحيحه).

وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر، وصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟ قال: "السحور" (أخرجه أحمد وأهل السنن، وقال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح)، فانظر أيها المسلم، لمَّا قام النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة رضي الله تعالى عنهم، قال الصحابة: "يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا؟" يعني لو أكملت بنا كل الليل قيام، هكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم، وهكذا كان السلف، وكان الإمام أحمد رحمه الله وعطاء ومجاهد يختمون القرآن كل تسعة أيام مرة، فإذا دخل عليهم شهر رمضان ختموه أكثر من ذلك.

فينبغي على عموم المسلمين أن يعظموا شعيرة الصيام وهذا الشهر الكريم، وأن يتوبوا إلى الله عز وجل من مشاهدة هذه القنوات الفضائية، التي يهدف فيها أعداء الإسلام إلى إضلال المسلمين وإفساد عقائدهم وأخلاقهم؛ فإن الغالب أن القائمين على مثل هذه القنوات هم من اليهود أو النصارى، أو من أتباعهم من أعداء الإسلام، فعلى المسلم أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يخرج مثل هذه الآلات من بيته، وأن يقلع عن الذنوب والمعاصي، وأن يغتنم فرصة هذا الشهر بكثرة العبادة، واللجوء إلى الله عز وجل، وألا يضيع أوقاته ودقائقه الثمينة فيما يضره ولا ينفعه في الدنيا والآخرة.

وأما بالنسبة للذنوب في شهر رمضان فإنها لا تتضاعف ولكن تعظم؛ فإن الذنب يعظم في الزمان الفاضل وفي المكان الفاضل، فذنب في رمضان ليس كذنب في شوال أو في شعبان، كما أن الحسنة في رمضان ليست كالحسنة في شوال أو في شعبان، الحسنات في رمضان تتضاعف، وأما الذنوب فهي تعظم، الذنب في رمضان يكون عظيماً عند الله عز وجل.

نسأل الله عز وجل أن يمتن على المسلمين جميعاً بتوبة نصوح إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

تاريخ الفتوى: 2/9/1426 هـ -- 2005-10-05.