أين تبيت المعتدة لوفاة زوجها؟
خالد بن عبد الله المصلح
- التصنيفات: أحكام النساء -
أين تبيت المعتدة لوفاة زوجها؟ وهل يجوز لها أن تبيت في بيت ابنتها لأن بيت زوجها غير صحي وهل يجوز لها التنقل بين بيوت بناتها؟ وهل يجوز لها أن تخرج لطلب الرزق إن لم يكن هناك من ينفق على أولادها؟ وهل يجوز لها أن تخرج من البيت للضرورات؟
ذهب عامة العلماء إلى أنه يجب على المعتدة من وفاة لزوم بيتها الذي توفي زوجها وهي فيه واستدلوا لذلك بقوله تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} وأصرح من الآية في الدلالة على وجوب لزوم الحادة بيتها الذي توفي عنها زوجها وهي فيه ما أخرجه الخمسة عن فريعة بنت مالك رضي الله عنها قالت: "خرج زوجي في طلب أعلاج له فأدرجهم في طرف القدوم فقتلوه، فأتاني نعيه وأنا في دار شاسعة من دور أهلي فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة من دور أهلي ولم يدع نفقة ولا مال ورثته وليس المسكن له فلو تحولت إلى أهلي وأخوتي لكان أرفق لي في بعض شأني، قال: تحولي فلما خرجت إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت فقال: أمكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت وأرسل إليّ عثمان فأخبرته فأخذ به".
وهذا الحديث وإن كان قد تكلم فيه بعض العلماء من حيث ثبوته إلا أن ابن القيم رحمه الله قال في الجواب على من انتقد الحديث: ليس في هذا ما يوجب رد هذه السنة الصحيحة الصريحة التي تلقاها عثمان بن عفان وأكابر الصحابة بالقبول.
وهذا الحكم ثابت في حق المعتدة ما لم تدعو الحاجة إلى خروجها عن بيتها لأسباب يتعذر معها الوقا أو يلحقها بها مشقة خارجة عن المعتاد فإنه يجوز لها حينئذ الانتقال حيث شاءت عند جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة. ويلزمها في البيت الذي انتقلت من أحكام الاحداد ما يلزمها في البيت الأول.
أما خروجها المؤقت فذلك جائز عند جمهور العلماء إذا احتاجت إلى ذلك إلا أنها لا تبيت إلا في بيتها ومن الحاجة التي تبيح الخروج، الخروج لطلب الرزق لحديث فريعة السابق. ومن الحاجة أيضاً الوحشة بسبب الوحدة فإنه يجوز أن تخرج لتجتمع مع نظائرها لكن إذا أرادت النوم فإنها ترجع إلى بيتها. وقد فرق فقهاء الحنابلة في الخروج للحاجة بين النهار والليل فقالوا: تخرج نهاراً للحاجة ولا تخرج ليلاً إلا للضرورة وليس هناك فيما أعلم من السنة ما يعضد هذا التفريق وقد سألت عنه شيخنا ابن باز رحمه الله فأجابني بأنه لا وجه له. فالصواب ما عليه الجمهور من عدم التفريق بين الليل والنهار. والله أعلم.
تاريخ الفتوى: 20-10-1424هـ.