حكم الاقتصار في الامتحان على الملخصات للطلاب
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
أعمل معلِّمًا بالمملكة العربيَّة السعوديَّة في إحدى المدارس الأهليَّة، مطلوبٌ منَّا أن نعمَل مُلخَّصًا للأَولاد لِلكتاب في حدود 5 إلى 7 ورقات، لا يخرج عنها الاختبارُ النهائي، والمدارسُ الحكوميَّة لا تتَّبِعُ هذه الطريقة، بل تُطالِبُ الطالب بالكتابِ والدفتر، ومِنْ هنا لا يتساوَى طالبُ الحكومة مع طالبِ الأهليَّة، مِمَّا يُشْعِرُني بأنِّي أظلِمُ كُلَّ طلاب الحكومة.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنْ كان الأمْرُ كما تقولُ؛ أنَّ المدرسةَ تطلب من المدرِّس وضعَ مُلَخَّص للكتاب في حدودِ 5 إلى 7 ورقاتٍ، ولا يَخرج عنه الاختبارُ النهائي، فهُو من التَّحايُل الظَّاهر على الغِشِّ، وتحصيل الطلاب لدَّرجات بدون استحقاق، وهذا لا يَجوزُ للمدرِّس فعله؛ فإنَّه من الخيانة والظُّلم، والمدرِّسُ راعٍ على طُلابِه، وهُوَ مسئولٌ عنْهم؛ وقد رَوى البُخاري عن معقِل بن يسارٍ أنَّه قال: سَمعتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: "ما من عبدٍ اسْترعاهُ اللَّهُ رعيَّةً فلم يَحُطْها بنصْحِه إلاَّ لَم يَجِدْ رائحةَ الجنَّة".
وهو عندَ مُسلم بلفظ: "ما من عبدٍ يَسترعيه اللهُ رعيَّة يَموتُ يَوْمَ يَمُوتُ وهو غاشٌّ لِرَعيَّتِه إلا حرَّم الله عليه الجنَّة".
وروى النَّسائيُّ وابْنُ حِبَّان بسندٍ حسنٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إنَّ اللَّهَ تعالَى سائلٌ كُلَّ راعٍ عمَّا اسْترْعاهُ، أحَفِظَ ذلك أم ضيَّعه؟ حتَّى يسألَ الرَّجُلَ عن أهل بيتِه".
وأيضًا هذا نوعٌ من الغِشِّ، وقدْ قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "مَنْ غشَّنا فليْسَ منَّا" (رواهُ مسلم عن أبي هُريرة).
وأيضًا قد يكونُ مُستوى الطالبِ لا يؤهِّلُه للنَّجاح، ولكن بِهذه الطريقة ينجَحُ بِسهولةٍ، وهذه خيانة ظاهرة، وغِشٌّ للأُمَّة، يُفْضِي إلى تَخريج عددٍ من حَملةِ الشهادات المُزيَّفة، الَّتي لم يَحصُلوا عليْها بِجِدِّهم واجتهادِهِم، وهذا سببٌ مِنْ أسبابِ تَخلُّف المُسلمين وضَعْفِهم، كما أنه مُفْضٍ إلى توسيد الأَمْرِ لغير أهْلِه.
والحاصلُ أنَّ هذا العملَ مُحرَّم، وأنه يَجب عليكَ أن تُنْكِرَ هذا المُنكَرَ وتبرأَ منْهُ، وأن تنصَحَ إدارةَ المدْرَسَة، فإنْ حصَلَتِ الاستجابةُ فالحمدُ لله، وإلا كان الواجبُ عليك أن تدَعَ هذا العمَلَ المُحرَّم وإن آلَ بكَ الأمرُ إلى تَرْكِ المدرسة،، والله أعلم.