توجيهات للتوبة

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: التوبة -
السؤال:

أنا كنت مؤمنًا أصلي وأصوم، رافقتُ أصدقاءَ السوء وأصبحتُ مثلهم، وقرَّرْتُ التَّوبةَ والرُّجوعَ عنِ الفُسوق والكفر، أريد النصيحة.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقدْ أَحْسَنْتَ بِالمُبادَرَة إلى التَّوبة، ونَسأَلُ اللَّه سُبحانه وتعالى أن يُثَبِّتَكَ على ذلِك حتَّى الممات، وأن يُبْعِدك عن قُرناء السوء.

واعْلَمْ أنَّ الله تَعالى أرادَ بِكَ الخَير، وإلاَّ لَما وجَّهك إلى التوبة، قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125].

فاحْرِصْ على الثَّبات على الهداية واستَعِنْ بِاللَّه ولا تَعجِز، واعْلَمْ أنَّ التَّائِبَ من الذَّنب كمَن لا ذَنْبَ له، ومَن أقبل على الله بالتَّوبة فإنَّ اللَّه تَعالَى يَقْبَلُها ويغْفِرُ ذُنُوبَهُ مَهْمَا بَلَغَتْ؛ قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]، وقال اللهُ تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

والذي نُوصيكَ به أن تَحْمَدَ اللَّه على نِعمة الهِداية، والابْتِعاد عن هذه الرُّفقةِ السَّيِّئة تَمامًا، واستبدالَها بِرُفقة طيِّبة صالِحة تُعينُك على الخير وتدلك عليه وتقومك بالنصح والإرشاد إذا أخطأت، كما قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف: 28]، وقال: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: " كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله، عز وجل، فإنه دائم بدوامه. وهذا كما قال إبراهيم، عليه السلام، لقومه: {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [ العنكبوت:25 ]".

وروى أبو داود عن أبي هُريرة أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "الرَّجُل على دِينِ خليلِه فلْيَنْظُرْ أحدُكم مَن يُخالِل".

كما نَنْصَحُك بالإكثار منَ العَمَل الصَّالح وقراءةِ القُرآن، والمحافظة على الأذكارِ والصلاة في الجماعة، وأن تُكْثِر من ذِكْر هذا الأدعية في السُّجود وغيرِه من أوقات الإجابة، وهي: "اللَّهُمَّ يا مُقَلِّب القُلوب ثبِّت قلْبِي على دينِك، اللَّهُمَّ يا مُصَرِّف القُلوب صرِّفْ قلْبِي على طاعتِك"، "اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُك الثَّباتَ في الأَمْرِ، والعزيمةَ على الرُّشْدِ، اللَّهُمَّ أصْلِحْ لي دِيني الَّذي هو عِصْمَة أمري، وأصْلِحْ لي دُنياي التي فيها معاشي، وأصْلِح لي آخرتي التي إليها معادي، واجْعَلِ الحياةَ زيادةً لي في كلِّ خير، واجعلِ المَوْتَ راحةً لي من كُلِّ شر"،، والله أعلم.