قول الرجل: "عليَّ الحرام من ديني"

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: الأيمان والنذور -
السؤال:

سمِعْتُ قَسمًا يُقال فيه: "عليَّ الحرام من ديني لأَضْرِبنَّه"، فما حكم هذا القَسَم من جهة وقوع الإثم؟ وما النتائج التي تترتَّب عليه شرعًا، سواءٌ وقع هذا القَسَم أم لم يقع؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ قول: "عليَّ الحرام" حكمُها حكمُ اليمين، وإن كانتْ ليستْ يَمينًا لفظًا؛ لأنَّها ليستْ مسبوقةً بِحروف القسم المعروفة، وهي: الواو والباء والتَّاء، لكن هي بِمعنى الحلِف؛ لأنَّ الحلِف يراد به تأكيدُ المحلوف عليْه، وهذا الذي حَرَّم يُريد بذلك تأكيدَ المنْع؛ وهذا هو معنى اليمين.

قال شيخ الإسلام: "فالأيمان التي يَحلف بها المسلمون، مما قد يلزم بها حكمٌ، ستَّة أنواعٍ ليس لها سابع، أحدها: اليمين بالله ...... الخامس: اليمين بالحَرام، كقولِه: "عليَّ الحرام لا أفعل كذا". وقال: "هذه الأيمان يُحلف بها تارةً بِصيغةِ القَسَم، وتارةً بصيغة الجزاء، لا يُتَصور أن تَخرج اليمين عن هاتَين الصيغتين، فالأوَّل: كقولِه: "والله لا أفعل كذا"، أو "الطلاق يلزَمُني أن أفعل كذا"، أو "عليَّ الحرام لا أفعل كذا"، أو "عليَّ الحج لا أفعل"، والثاني: كقوله: "إن فعلتُ كذا فأنا يهوديّ، أو نصرانيّ، أو بريءٌ من الإسلام"، أو "إن فعلتُ كذا فامرأتي طالق"، أو "إن فعلتُ كذا فامرأتي حرام، أو فهِي عليَّ كظهر أمي"، أو "إن فعلتُ كذا فعليَّ الحج، أو فمالي صدقة".

وقال: "وأمَّا الحلِف بالنَّذر والظِّهار، والحرام والطَّلاق، والعتاق والكُفْر، كقولِه: "إن فعلتُ كذا وكذا فعليَّ الحج، أو مالي صدقة"، أو "عليَّ الحرام، أو الطَّلاق يلزمني لأفعلنَّ كذا"، أو "إن كنتُ فعلتُ كذا، فعبيدي أحْرار"، أو "إن كنتُ فعلتُ كذا فإنِّي يهودي أو نصْراني" - فهذه المسألةُ للعُلماء فيها ثلاثة أقوال، فقيل: إذا حنثَ يلزمُه التَّوبة، وقيل: لا شيءَ عليْه، وقيل: بلْ عليْه كفَّارة يَمين، وهو أظْهر الأقوال". اهـ.

وعليه؛ فقول القائل: "عليَّ الحرام من ديني لأَضْرِبنَّه" يمين حكمًا فإما أن يضربه، أو يحنث ويكفر كفارة يمين.

هذا؛ والحلف بالحرام ونحوه لا يجوز؛ لما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفاً فليحلف بالله، أو ليصمت" (متفق عليه)، وقال صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله، فقد أشرك" (رواه أبو داود والترمذي).

فعلى المسلم الحذر والابتعاد عن تلك الأيمان، وممن قال بحرمة اليمين بالحرام الإمام أحمد وأصحابه، وفي فتاوى اللجنة الدائمة: "المسلم لا يجوز له الحلف بالحرام، وأن الحلف يكون بالله وحده أو بصفة من صفاته سبحانه، وعليك كفارة يمين وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع فعليك صيام ثلاثة أيام". هذا؛ والله أعلم.