تقبيل طليقة الأب

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: العلاقة بين الجنسين -
السؤال:

لي أُخْتٌ من والدي تَعيشُ مع أُمّها طليقةِ والدي، هل يَجوزُ تَقبيل طليقة والدي أم لا؟ مع العلم أنَّني ألتقي بِها كلَّما زُرْتُ أُخْتي من والدي، بِسَبب إعاقتها.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فزوْجةُ الأب من المحرَّمات حُرمةً دائمةً مستمِرَّة، حتَّى ولو طلّقت من الأب أو مات عنها؛ لعموم قول الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: 22].

قال ابنُ قدامة في "المغني": "فتَحْرُم على الرَّجُل امرأةُ أبيه: قريبًا كان أو بعيدًا، وارثًا كان أو غَيْرَ وارثٍ، من نسب أو رضاع؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22]، وقال البراءُ بنُ عازب: "لقيتُ خالي ومعه الرَّاية، فقلت: أين تُريدُ؟ قال: أرْسَلَنِي رسولُ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم إلى رَجُلٍ تزوَّج امرأةَ أبيه من بعدِه أن أضرِبَ عُنُقَه أو أَقْتُلَه" (رواه النَّسائي)، وفي روايةٍ قال: "لقيتُ عمّي الحارثَ بْنَ عمرو ومعه الرَّاية.." فذكر الخبر كذلك؛ رواهُ سعيدٌ وغيرُه، وسواءٌ في هذا امرأةُ أبيه أو امرأةُ جدّه لأبيه وجدّه لأمّه، قرُب أم بعُد، وليس في هذا بيْن أهل العلم خلافٌ علِمناه، والحمد لله" اهـ.

وعليه؛ فمطلَّقةُ أبيكَ تُعَدّ من مَحارمِك، فلا بأسَ بِتقْبِيلِها على اليَد أوِ الرَّأْسِ والجَبْهة، ونَحو ذلك، إذا أمنتَ إثارةَ الشَّهوة وحدوث الفتنة، وإلاَّ حرُم ذلك، وقد سُئِلَ الإمامُ أحْمد رحِمه الله تعالى: هل يُقبِّل الرَّجُل ذاتَ مَحرمٍ منه؟ قال: إذا قدِم من سفرٍ ولَم يَخفْ على نفسه، والأصلُ في هذا "أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين قدِم من الغزو قبَّل فاطمة رضي الله عنها" (رواه أبو داود والترمذي)، وفي صحيح مُسلم من حديث البَراء رضي الله عنه قال: "دخلتُ مع أبي بكرٍ رضي الله عنه على أهلِه فإذا عائشةُ رضي الله عنها ابنتُه مُضطجِعة، قد أصابتْها حُمّى، فرأيتُ أباها يُقبِّل خدها، وقال: كيف أنتِ يا بنيَّة؟"، وقد قَبَّل خالدُ بنُ الوليد رضِي الله عنه أُخْتَه.

وقيَّد الحنابلة جوازَ تقبيل المحارِمِ بأنْ لا يَكون في الفَم؛ لأنَّ التَّقبيلَ على الفَم مظنَّة للشَّهوة، قال في "الإقناع": "ولا بأس للقادم من سَفَرٍ بتقْبِيلِ ذواتِ المَحارِم إذا لم يَخَفْ على نَفْسِه، لكِنْ لا يَفعلُه على الفَم بل الجبهة والرأس" اهـ،، والله أعلم.