الوضوء على المكياج

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الطهارة -
السؤال:

ما حكم الرَّد على من تتوضَّأ على المكياج دون إزالتِه، علمًا بأنَّها كانت على وضوءٍ قبل أن تضَع المكياج، رأيت نساءً يفعلن ذلك؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالطَّهارة من الحدَث الأصغر تقتضِي تعميمَ الماء على أعْضاء الوضوء، وإزالة كلِّ ما يَمنع وصولَ الماء إلى تلك الأعضاء، فإذا منع مانع من وصول الماء إليْها، لم تصحَّ الطهارة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، وقد "رأى النَّبيُّ صلَّى الله عليْه وسلَّم رجُلاً يصلِّي وفي ظهْر قدَمِه لُمعة قدْر الدِّرْهم، لَم يُصِبْها الماء، فأمرَه رسولُ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم أن يُعيدَ الوضوء" (رواه أحمد وأبو داود)، وزاد: والصلاة.

وروى أحمد وأصحاب السنن عَنْ لَقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ عن رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم قال: "أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بين الأصابع، وَبَالِغْ فى الاِسْتِنْشَاقِ؛ إلا أنْ تكونَ صائمًا"، وروى البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم كان يمر بنا والناس يتوضؤون من المطهرة قال: "أسبغوا الوضوء"، وفي رواية أبي داود، والنسائي: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى قومًا وأعقابُهم تَلُوح، فقال: "ويل للأعقاب من النار، أسْبِغُوا الوضوءَ".

وإسباغ الوضوء: هو تعميم العضو بالماء، حتى لا يبقى فيه جزء لم يمسه الماء، ومنه درع سابغ أي يغطي الإنسان.

قال النَّووي: "إذا كان على بعْضِ أعضائِه شمعٌ أو عجينٌ أو حنَّاء أو أشباه ذلك، فمنع وصولَ الماء إلى شيْءٍ من العضو -لَم تصحَّ طهارتُه، سواءٌ كثُر ذلك أم قلَّ، ولو بقي على اليدِ وغيرِها أثرُ الحِنَّاء ولونُه دون عينِه، أو أثر دُهنٍ مائع بِحيثُ يمسُّ الماءُ بشرة العضو ويجري عليها لكن لا يثبتُ- صحَّت طهارتُه". اهـ.

ومن المعلوم: أنَّ الغالب على مساحيق التَّجميل التي تستخْدِمُها النساء: أنَّها تعمل كطبقةٍ عازلة تَمنع وصولَ الماء إلى البشرة؛ ممَّا يؤدِّي إلى عدم كمال الطَّهارة، وإذا أدَّى المرْءُ الصَّلاة بدون طهارةٍ كاملة، فصلاتُه غيرُ صحيحة؛ لقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تُقْبَل صلاة مَن أحدث حتَّى يتوضَّأ" (رواه البخاري عن أبي هُريرة)، وفي صحيح مسلم عن ابن عمَر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "لا تُقْبل صلاةٌ بغير طهور".

وعليه؛ فإذا وضعت المرأةُ المكياج وهي غير متوضِّئة، أو انتقض وضوءُها والمكياج على وجْهِها، وكان من النَّوع المانع من وصول الماء إلى البشرة - فالواجب إزالتُه حتَّى يصحَّ الوضوء.

أمَّا إذا وضعت المكياج بعد أن توضَّأت وبقِيت محافظة على وضوئها، فتصلِّي به ما شاءت من الصلوات ما دام وضوءها لم ينتقض، بشرط أن لا يكون المكياج قد صُنع من نجس، فإذا كان نجسًا، لا تصح الصَّلاة حتى يزال ويطهر محلُّه.

وأمَّا إن كان المكياج سائلاً ومن النَّوع الذي تتشرَّبُه البشرة -أي: من النوع المائي- بحيث لا يَحول دون وصول الماء إلى البشرة -فلا بأس من الوضوء مع وجوده- إن شاء الله،، والله أعلم.