حكم من صلى جاهلاً أن عليه حدثًا أكبر، ومن لا يستطيع التيمم

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الصلاة - فقه الطهارة -
السؤال:

1- استيْقظتُ يومًا فتوضَّأتُ وصلَّيتُ الفَجْرَ في جَماعة، لكنْ لمَّا انتَهَتِ الصلاة ومرَّ على صلاتِها هُنَيَّة من الوقت، وجَدْتُ نَفسي مُحتلِمًا. فماذا أَفْعَلُ؟

2- رجلٌ لا يستطيعُ أن يتيمَّم لأنَّ يدَه اليُمْنَى كلّها مكسورة بشكْلٍ كبير. فهل في التيمُّم نيابةٌ أم لا؟ وما العمل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ الطَّهارةَ من الحَدثِ الأكْبَرِ والأصْغَر شرطٌ من شُروطِ صحَّة الصَّلاة؛ لقوْل الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} الآيةَ [المائدة: 6].

ولقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تُقْبَل صلاةٌ بِغَيْرِ طُهور" (رواهُ مُسلم).

ولما رُوِيَ عَنْ عُمر: "أنَّه صلَّى بالنَّاس الصُّبح ثُمَّ خرَجَ إلى الجُرْفِ فأهراق الماءَ فَوَجَد في ثَوْبِه احْتِلامًا فأعادَ الصَّلاةَ ولَمْ يُعِدِ النَّاسُ"، وروى الأثْرَمُ نَحوَ هذا عن عُثمانَ وعليٍّ. انظر "إرواء الغليل" للشيخ الألباني رقم(533).

قال النَّوويُّ في "المجموع": "أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ على تَحْرِيمِ الصَّلاةِ على المُحْدِثِ، وأَجْمَعُوا على أَنَّهَا لا تَصِحُّ مِنْهُ سَوَاءٌ إنْ كَانَ عَالِمًا بِحَدَثِهِ أَوْ جَاهِلاً أَو نَاسِيًا، لَكِنَّهُ إنْ صَلَّى جَاهِلاً أَوْ نَاسِيًا فَلا إثْمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَدَثِ وَتَحْرِيمِ الصَّلاةِ مع الحَدَثِ فَقَدِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً". اهـ.

وعليه؛ فإذا صلَّى الإنسان صلاةً ثُمَّ بعْدَ انتِهائِه مِنْهَا تَبيَّن له أنَّهُ مُحدث، بَطَلَتْ صلاتُه، والواجِبُ عليْهِ أن يتطهَّر منْ هذا الحَدَثِ وإعادة الصَّلاةَ بإجْماع العُلماء.

أمَّا مَن عَجَزَ عنِ الوُضوء لفقد الماء أو لتضَرُّرِه منِ استِخْدامه، فلهُ أن يتيمَّمَ فإنْ لَم يستَطِعْ مُباشرةً التَّيمُّم بنفْسِه، جازَ له أن يَستعينَ بأَحَدٍ لِيُساعِدَهُ في التَّيمُّم؛ لأنَّ التَّكليفَ مُقَيَّدٌ بِالاستِطاعة، وعلى العبد أن يأتي من الأوامر الشرعية ما يقدر عليه؛ قال الله تَعالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقال تَعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، والتيمم بالاستعانة بالغير في استطاعته.

قال ابن قُدامة الحنبليُّ: "وإن لم يَجِدْ مَن يُوضِّئُه إلا بأجْرٍ يقدِرُ علَيْهِ لَزِمَهُ أيضًا، كما يَلْزَمُه شِراءُ الماءِ، وإنْ عَجَزَ عنِ الأَجْرِ أو لَم يقدِرْ على مَن يستَأْجِرُه صلَّى عَلَى حَسَبِ حالِه؛ كعادِم الماءِ والتُّرابِ، وإنْ وجَدَ مَن يُيَمِّمُه ولَم يَجِدْ مَن يُوَضِّئه لَزِمه التيمُّمُ كعادِم الماءِ إذا وَجَدَ الترابَ" اهـ.

وقال الشَّيخُ العُثيْمين في "مَجموع الفتاوى": "فإنْ لَم يَستَطعْ أن يتطهَّر بنَفْسِه، فإنَّه يُوضِّئُه أو يُيَمِّمُه شخصٌ آخَرُ، فيضرِبُ الشَّخصُ الأرضَ الطَّاهِرة بيديه، وَيَمْسح بِها وَجْهَ المَريضِ وكفَّيْهِ؛ كما لو كان لا يَستطيعُ أن يتوضَّأ بنَفْسِه فيوضِّئُه شخصٌ آخَر"، والله أعلم.