رسالة في التوسل والوسيلةالجزء الثالث والعشرون.
ابن تيمية
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
السؤال: رسالة في التوسل والوسيلةالجزء الثالث والعشرون.
الإجابة: ومن السؤال بالأعمال الصالحة: سؤال الثلاثة الذين أووا إلى غار،
فسأل كل واحد منهم بعمل عظيم أخلص فيه لله؛ لأن ذلك العمل مما يحبه
الله ويرضاه، محبة تقتضى إجابـة صاحبـه. هذا سـأل ببـره لوالديـه،
وهذا سـأل بعفتـه التـامة، وهذا سـأل بأمـانته وإحسانه.
وكذلك كان ابن مسعود يقول وقت السحر: اللهم أمرتنى فأطعتك، ودعوتنى فأجبتك، وهذا سحر فاغفر لى، ومنه حديث ابن عمر: أنه كان يقول على الصفا:" "، ثم ذكر الدعاء المعروف عن ابن عمر أنه كان يقوله على الصفا .
فقد تبين أن قول القائل: [أسألك بكذا] نوعان: فإن الباء قد تكون للقسم، وقد تكون للسبب، فقد تكون قسما به على الله، وقد تكون سؤالاً بسببه.
فأما الأول: فالقسم بالمخلوقات لا يجوز على المخلوق فكيف على الخالق ؟
وأما الثانى ـ وهو السؤال بالمعظم ـ: كالسؤال بحق الأنبياء فهذا فيه نزاع، وقد تقدم عن أبى حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز ذلك.
ومن الناس من يجوز ذلك، فنقول: قول السائل لله تعالى: [أسألك بحق فلان وفلان من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم، أو بجاه فلان أو بحرمة فلان] يقتضى أن هؤلاء لهم عند الله جاه، وهذا صحيح.
فإن هؤلاء لهم عند الله منزلة وجاه وحرمة يقتضى أن يرفع الله درجاتهم ويعظم أقدارهم ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا، مع أنه سبحانه قال: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[البقرة: 255].
ويقتضى أيضاً أن من اتبعهم واقتدى بهم فيما سن له الاقتداء بهم فيه، كان سعيداً، ومن أطاع أمرهم الذى بلغوه عن الله كان سعيداً، ولكن ليس نفس مجرد قدرهم وجاههم مما يقتضى إجابة دعائه إذا سأل الله بهم حتى يسأل الله بذلك، بل جاههم ينفعه أيضاً إذا اتبعهم وأطاعهم فيما أمروا به عن الله، أو تأسى بهم فيما سنوه للمؤمنين، وينفعه أيضاً إذا دعوا له وشفعوا فيه.
فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة، ولا منه سبب يقتضى الإجابة، لم يكن متشفعاً بجاههم، ولم يكن سؤاله بجاههم نافعاً له عند الله، بل يكون قد سألبأمر أجنبى عنه ليس سبباً لنفعه، ولو قال الرجل لمطاع كبير: أسألك بطاعة فلان لك، وبحبك له على طاعتك، وبجاهه عندك الذى أوجبته طاعته لك، لكان قد سأله بأمر أجنبى لا تعلق له به، فكذلك إحسان الله إلى هؤلاء المقربين ومحبته لهم وتعظيمه لأقدارهم مع عبادتهم له وطاعتهم إياه ليس فى ذلك ما يوجب إجابة دعاء من يسأل بهم، وإنما يوجب إجابة دعائه بسبب منه لطاعته لهم، أو سبب منهم لشفاعتهم له، فإذا انتفى هذا وهذا فلا سبب.
نعم، لو سأل الله بإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم ومحبته له وطاعته له واتباعه، لكان قد سأله بسبب عظيم يقتضى إجابة الدعاء، بل هذا أعظم الأسباب والوسائل،
والنبى صلى الله عليه وسلم بين أن شفاعته فى الآخرة تنفع أهل التوحيد لا أهل الشرك، وهى مستحقة لمن دعا له بالوسيلة كما فى الصحيح أنه قال: " "، وفى الصحيح أن أبا هريرة قال له: أى الناس أسعد بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال: " ".
وكذلك كان ابن مسعود يقول وقت السحر: اللهم أمرتنى فأطعتك، ودعوتنى فأجبتك، وهذا سحر فاغفر لى، ومنه حديث ابن عمر: أنه كان يقول على الصفا:" "، ثم ذكر الدعاء المعروف عن ابن عمر أنه كان يقوله على الصفا .
فقد تبين أن قول القائل: [أسألك بكذا] نوعان: فإن الباء قد تكون للقسم، وقد تكون للسبب، فقد تكون قسما به على الله، وقد تكون سؤالاً بسببه.
فأما الأول: فالقسم بالمخلوقات لا يجوز على المخلوق فكيف على الخالق ؟
وأما الثانى ـ وهو السؤال بالمعظم ـ: كالسؤال بحق الأنبياء فهذا فيه نزاع، وقد تقدم عن أبى حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز ذلك.
ومن الناس من يجوز ذلك، فنقول: قول السائل لله تعالى: [أسألك بحق فلان وفلان من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم، أو بجاه فلان أو بحرمة فلان] يقتضى أن هؤلاء لهم عند الله جاه، وهذا صحيح.
فإن هؤلاء لهم عند الله منزلة وجاه وحرمة يقتضى أن يرفع الله درجاتهم ويعظم أقدارهم ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا، مع أنه سبحانه قال: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[البقرة: 255].
ويقتضى أيضاً أن من اتبعهم واقتدى بهم فيما سن له الاقتداء بهم فيه، كان سعيداً، ومن أطاع أمرهم الذى بلغوه عن الله كان سعيداً، ولكن ليس نفس مجرد قدرهم وجاههم مما يقتضى إجابة دعائه إذا سأل الله بهم حتى يسأل الله بذلك، بل جاههم ينفعه أيضاً إذا اتبعهم وأطاعهم فيما أمروا به عن الله، أو تأسى بهم فيما سنوه للمؤمنين، وينفعه أيضاً إذا دعوا له وشفعوا فيه.
فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة، ولا منه سبب يقتضى الإجابة، لم يكن متشفعاً بجاههم، ولم يكن سؤاله بجاههم نافعاً له عند الله، بل يكون قد سألبأمر أجنبى عنه ليس سبباً لنفعه، ولو قال الرجل لمطاع كبير: أسألك بطاعة فلان لك، وبحبك له على طاعتك، وبجاهه عندك الذى أوجبته طاعته لك، لكان قد سأله بأمر أجنبى لا تعلق له به، فكذلك إحسان الله إلى هؤلاء المقربين ومحبته لهم وتعظيمه لأقدارهم مع عبادتهم له وطاعتهم إياه ليس فى ذلك ما يوجب إجابة دعاء من يسأل بهم، وإنما يوجب إجابة دعائه بسبب منه لطاعته لهم، أو سبب منهم لشفاعتهم له، فإذا انتفى هذا وهذا فلا سبب.
نعم، لو سأل الله بإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم ومحبته له وطاعته له واتباعه، لكان قد سأله بسبب عظيم يقتضى إجابة الدعاء، بل هذا أعظم الأسباب والوسائل،
والنبى صلى الله عليه وسلم بين أن شفاعته فى الآخرة تنفع أهل التوحيد لا أهل الشرك، وهى مستحقة لمن دعا له بالوسيلة كما فى الصحيح أنه قال: " "، وفى الصحيح أن أبا هريرة قال له: أى الناس أسعد بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال: " ".