كيف أفك السحر؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

كيف أُبطل أي عمل معمول لعائلتي؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالسحر له حقيقةٌ، وله ضررٌ إذا شاء اللهُ ذلك، وأراده إرادةً كونيةً، فقوةُ تأثيره تابعةٌ للقضاء والقدَر، وليستْ مُستقلة في التأثير؛ كما قال سبحانه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].
أما السعْيُ لِفَكِّ السحرِ وإبطالِه، فيكونُ بالطُّرق الشرعيَّة؛ من قراءة الرُّقية على نفسك، أو على أفراد العائلة، ويكونُ ذلك بقوَّة قلبٍ ويقينٍ بالقرآن أنَّ فيه شفاءً؛ فالله - تعالى - لم يَضَعْ داءً إلا وَضَعَ له دواءً، ولكن عِلاج هذه الحالات وأمثالِها بأمريْنِ؛ ذكرهُما ابن القيم رحِمه الله قال: "أَمْر من جهةِ المصروع، وأمر من جهة المعالِج:
الأولُ: من جهة المصروع؛ يكون بِقُوَّة نفسِه، وصدق توجُّهِه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئِها، والتعوُّذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلبُ واللسانُ؛ فإنَّ هذا نوعُ مُحاربةٍ، والمحارب لا يتِمُّ له الانتصافُ من عدوِّه بالسلاح إلا بأمْرَيْنِ: أن يكون السلاحُ صحيحًا في نفسه جيدًا، وأن يكون الساعدُ قويًّا، فمتى تخلَّف أحدُهُما، لم يُغنِ السلاحُ كثيرَ طائل، فكيف إذا عُدِمَ الأمران جميعًا؛ يكون القلبُ خرابًا من التوحيد، والتوكُّل، والتقوى، والتوجه، ولا سلاح له؟!
والثاني: من جهة المعالج؛ بأن يكون فيه هذانِ أيْضًا".

والرقية الشرعية هي:
1- قراءة الفاتحة.
2- قراءة آية الكُرسي من سورة البقرة، وهِيَ قولُه تعالى: {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ} [البقرة: 255].
3- قراءة آيات الأعراف، وهي قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ . فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون . فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ . وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ . قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ العَالَمِينَ . رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: 117 - 122].
4- قراءة آيات في سورة يونس، وهي قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ . فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ . وَيُحِقُّ اللهُ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ} [يونس: 80 - 82].
5- قراءة آيات من سورة طه، وهي قولُه عز وجل: {قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى . وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 68، 69].
6- قراءة سورة الكافرون.
7- قراءة سورة الإخلاص والمُعَوّذَتَيْنِ مع تكرارهم.
8- قراءة بعض الأدعية الشرعيَّة؛ مثل: "اللهم ربَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَأْسَ، اشفِ أنتَ الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤُكَ، شفاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا"، و"أعوذ بكلمات الله التامة، من كلِّ شيطان وهامَّة، ومن كل عين لامَّة"، و"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، و"أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده، ومن هَمَزات الشياطين، وأن يحضرون، أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بَرٌّ ولا فاجرٌ من شرِّ ما خَلَقَ وذَرَأَ وبَرَأَ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرُج فيها، ومن شر ما ذَرَأَ في الأرض، ومن شر ما يخرُج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارقٍ، إلا طارقًا يطرُق بخير يا رحمنُ".
9- النفثُ والتفلُ على نفسك، وعلى من ترقيه بعد انتهاء القراءة؛ كما كان يفعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم: "وفي النفثِ والتفلِ استعانةٌ بتلك الرطوبةِ والهواءِ والنفَسِ المباشر، للرقيةِ، والذِّكر، والدعاء؛ فإن الرقية تخرُج من قلب الراقي وفمه، فإذا صاحبها شيءٌ من أجزاء باطنه من الريق والهواء والنفَس، كانت أتمَّ تأثيرًا، وأَقوى فعلًا ونفوذًا، ويحصُل بالازدواج بينهما كيفيةٌ مؤثرةٌ شبيهةٌ بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية.. وفي النفثِ سرٌّ آخرُ؛ فإنه مما تستعينُ به الأرواحُ الطيبة والخبيثة؛ ولهذا تفعلُه السحرةُ، كما يفعلُه أهلُ الإيمان؛ قال تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4]، وذلك لأن النَّفْس تتكيَّفُ بكيفيةِ الغضب، والمحاربة، وتُرسِل أنفاسَها سهامًا لها، وتمدُّها بالنفْثِ والتفلِ الذي معه شيءٌ من الريقِ مصاحب لكيفيةٍ مؤثرةٍ، والسواحرُ تستعينُ بالنفث استعانةً بيِّنةً، وإن لم تتَّصلْ بجسم المسحور.
بل تنفُثُ على العقْدةِ، وتعقِدُها، وتتكلَّمُ بالسحر، فيعملُ ذلك في المسحور بتوسُّط الأرواح السفلية الخبيثة، فتقابلُها الروحُ الزكيَّة الطيبة بكيفية الدفع، والتكلُّم بالرقية، وتستعينُ بالنفث، فأيُّهما قَوِيَ كان الحكمُ له، ومقابلةُ الأرواحِ بعضِها لبعضٍ ومحاربتُها وآلتُها، من جنس مقابلةِ الأجسام، ومحاربتِها، وآلتِها، سواءٌ، بل الأصلُ في المحاربة والتقابل للأرواح، والأجسامُ آلتُها وجندُها، ولكن من غَلَبَ عليه الحِسُّ، لا يشعُر بتأثيرات الأرواح، وأفعالها، وانفعالاتها؛ لاستيلاء سلطان الحس عليه، وبُعدِه من عالم الأرواح، وأحكامِها، وأفعالِها".
والمقصود: أن الرُّوح إذا كانتْ قويةً، وتكيَّفت بمعاني الفاتحةِ، واستعانتْ بالنفْث، والتفْل، قابلَتْ ذلك الأثر الذي حَصَلَ من النفوس الخبيثة، فأزالته، والله أعلم".

وَنَنْصَحُكَ بِمُراجعة كتيِّب: "حصن المسلم والرقية الشرعية"؛ للقحطاني، كما يُمكنك الاستعانةُ بأحد المعالجين من أهل السنة، المعروفين بالدين والورَع، واحذر منَ الوُقوع في شِراكِ الدجَّالين، أوِ المُشعوِذين.
كل هذا مع المحافَظة على الفرائض، وصلاةِ النوافلِ، وإخرِاجِ كلِّ ما يجلب الشياطينَ منَ البيتِ، ويَمنَعُ دُخول الملائكة من الصُّورِ والتماثيلِ، وغيرِ ذلك.