أحوال ميراث زوجة الجد الأجنبيَّة

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الفرائض والوصايا -
السؤال:

عندنا زوجة جدِّي وهي أجنبيَّة توفِّيت بعد جدي من سنتين تقريبًا، كيف نتعامل مع نصيبِها من الإرْث؛ أي: كيف نوصِّله إلى مَن يرِثُها ونحنُ لا نعرِف أقاربها إلا عن طريق الهاتِف؟ وهم أختُها وابن أختِها، وهي لم تُخبرْنا عن أهلِها في الماضي، حتَّى قيل لنا: إن عندَها ولدًا وبنتًا يعيشان ويُقيمان في فرنسا مع والدهم، حيثُ إنَّها كانت مطلَّقة، ولا نعرِف عنهم أي شيء، فماذا نفعل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن كنتَ تقصِد بقولِك إنَّ زوجة جدِّك أجنبيَّة أنَّها أيضًا غيرُ مسلمة، فلا يحلُّ لها أن ترِث من جَدِّك شيئًا؛ لاتِّفاق العُلماء على أنَّ الكافر لا يرِث المسلم؛ لقوله صلَّى الله عليْه وسلَّم: "لا يتوارثُ أهلُ ملَّتين شتَّى" (رواه أحمد وأبو داود وابنُ ماجه عن عبدالله بن عمرو)، وفي الصَّحيحين عن أسامةَ بن زيد: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قال: "لا يرِث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلم".

قال النَّووي في "شرح مسلم": "أجمع المسلمون على أنَّ الكافر لا يرِث المسلم، وأمَّا المسلم فلا يرِث الكافرَ أيضًا، عند جَماهير العُلماء من الصَّحابة والتَّابعين ومَن بعدَهم، وذهبت طائفةٌ إلى توْريث المسلم من الكافر، وهو مذهبُ معاذ بن جبل، ومعاوية، وسعيد بن المسيّب، ومسروق، وغيرهم، وروِي أيضًا عن أبي الدَّرداء والشَّعبي، والزُّهري والنخعي نحوُه، على خلافٍ بينَهم في ذلك، والصَّحيح عن هؤلاء كقوْل الجمهور، واحتجُّوا بحديث: "الإسلام يعلو ولا يُعْلى عليه"، وحجَّة الجمهور هذا الحديثُ الصَّحيح الصريح، ولا حجَّة في حديث: "الإسلام يعلو ولا يُعْلى عليه"؛ لأنَّ المراد به فضْل الإسلام على غيره، ولم يتعرَّض فيه لميراث، فكيف يترك به نص حديث: "لا يرثُ المسلم الكافرَ"، ولعلَّ هذه الطائفة لم يبلُغْها هذا الحديث".اهـ.

فإن كان لها مال -والحال كذلك- فيُدفع لأهلِها من الكفَّار؛ إلا أن يكونوا على غيْرِ ملَّتِها، فيوضع المال في مصالح المسلمين.

قال ابن قدامة في "المغني": "فأمَّا الكفَّار، فيتوارثون إذا كان دينُهم واحدًا، لا نعلم بين أهل العِلم فيه خلافًا، وقول النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا يرِث المسلم الكافر" دليلٌ على أنَّ بعضَهم يرث بعضًا، وقوله: "لا يتوارث أهلُ ملَّتين" دليلٌ على أنَّ أهل الملَّة الواحدة يرِثُ بعضُهم بعضًا".

وأمَّا إن كانت تلك المرأةُ الأجنبيَّة مسلمةً، فإنَّها ترِث من زوْجِها -يعني جدّك- الثُّمُن فرضًا؛ لوجود الفَرع الوارث، فإذا كان أهلُها كفَّارًا، فلا يرِثون منْها شيئًا، ويجعل ما تركته في مصالح المسلمين، وأمَّا إن كانت أختها المذكورة مُسلمة، فلها جميع التركة: النصف فرضًا، ويردُّ عليها النصف الباقي؛ لعدم وجود عاصب،، والله أعلم.