إخراج زكاة الأموال مواد عينية
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
- التصنيفات: فقه الزكاة -
هل يجوز إخراج زكاة الأموال مواد عينية (غذائية أو ملابس)؟
الأصل أن تُخرج زكاة المال مالاً، ويجوز إخراج زكاة المال عَيْنًا إذا كان ذلك من أجل مُراعاة مصلحة الفقير، كأن يكون الفقير لا يُحسن التصرف، أو كان عنده من يأخذ المال. وإذا أُخرِجت الزكاة من المواد العينية فلا يُخرج ما استعُمِل ولا ما هو مُستهلك، بل تُخرج الزكاة مالاً ثم يُشترى بها ما يَصلح للفقير وما هو مُحتاج إليه، سواء كان طعاما أو ملابس. وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عَمَّنْ أَخْرَجَ الْقِيمَةَ فِي الزَّكَاةِ؛ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ أَنْفَعَ لِلْفَقِيرِ: هَلْ هُوَ جَائِزٌ؟ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ: وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لا يَجُوزُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ، وَأَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ مَنَعَ الْقِيمَةَ فِي مَوَاضِعَ وَجَوَّزَهَا فِي مَوَاضِع؛ فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَقَرَّ النَّصَّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَالأَظْهَرُ فِي هَذَا: أَنَّ إخْرَاجَ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَلِهَذَا قَدَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُبْرَانَ بِشَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَلَمْ يَعْدِلْ إلَى الْقِيمَةِ، وَلأَنَّهُ مَتَى جوَّزَ إخْرَاجَ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا فَقَدْ يَعْدِلُ الْمَالِكُ إلَى أَنْوَاعٍ رَدِيئَةٍ، وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقْوِيمِ ضَرَرٌ؛ وَلأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَهَذَا مُعْتَبَرٌ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَجِنْسِهِ، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِلْحَاجَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ أَوْ الْعَدْلِ فَلا بَأْسَ بِهِ: مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ بُسْتَانِهِ أَوْ زَرْعِهِ بِدَرَاهِمَ، فَهُنَا إخْرَاجُ عُشْرِ الدَّرَاهِمِ يُجْزِئُهُ، وَلا يُكَلَّفُ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَمَرًا أَوْ حِنْطَةً، إذْ كَانَ قَدْ سَاوَى الْفُقَرَاءَ بِنَفْسِهِ. وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ. والله تعالى أعلم.