الصيام في الهند على أي هلال؟

عبد العزيز بن باز

فتاوى نور على الدرب

  • التصنيفات: فقه الصيام - فتاوى وأحكام -
السؤال:

نحن الطلبة المسلمين في البلاد غير الإسلامية تواجهنا مشكلة تحديد اليوم لرمضان، فنحن مثلاً في الهند نصوم بعد سماع رؤية الشهر في السعودية أو إحدى الدول العربية، لكن السكان المسلمين وهم يمثلون نسبة لا بأس بها يصومون في يوم يختلف حسب رؤية الهلال عندهم دون دوران الأرض، نرجو أن توضحوا لنا، علماً بأن المسلمين في الهند يمثلون مائة مليون مسلم، جزاكم الله خيراً.

الإجابة:

على المسلمين في الهند وفي غير الهند أن يجتهدوا في ضبط دخول الشهر وخروجه، وأن يكون لهم من يعتني بذلك، كالمجالس الإسلامية أو المحاكم إن كان هناك محكمة إسلامية تعنى بهذا الأمر، وتأمر من يلتمس الهلال حتى يطبقوا الأحاديث الصحيحة عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"، فالمسؤولون عن الصيام يعرفون دخول شعبان، فإذا رأوا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان صاموا وإلا كملوا ثلاثين وصاموا، وليعينوا من يعتني بهذ الأمر من الثقات العدول بالرؤية، أو تكليف من يتراءى الهلال لأول شعبان ولأول رمضان، وعلى كل فرد من المسلمين أن يكونوا مع إخوانهم، يصوموا مع إخوانهم، ويفطروا مع إخوانهم، ولا ينقسمون ولا يتفرقون. المشروع للمسلمين في أي بلد أن يصوموا جيمعاً وأن يفطروا جيمعاً، وأن يتعاونوا على الخير، يقول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: "الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون".

فالمشروع لك أيها السائل أن تصوم مع إخوانك في الهند، وهكذا في أمريكا، وهكذا في أوروبا، وهكذا في غيرها من البلاد التي يغلب فيها الكفار ويكون والمسلمون فيها أقلية. المسلمون يجتهدون ويتحرون الشهر ويصومون، وإذا رأوا أن يصوموا برؤية دولة معينة كالسعودية مثلاً لأنهم وثقوا بها وصاموا برؤيتها فلا بأس، ولو تيسر أن يصوم المسلمون جميعاً فهذا أفضل وأحسن؛ لأن المسلمين شيء واحد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، هذا خطاب للمسلمين قال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكلموا العدة"، فالمسلمون عليهم أن يعتنوا بهذا في أي مكان وأن يصوموا إذا رأوا الهلال أو كملوا عدة شبعان، وأن يفطروا إذا رأوا الهلال أو كملوا رمضان ثلاثين، وأن يتعاونوا في هذا، وأن يكونوا جيمعاً يداً واحدة لا يختلفون، هذا هو الواجب، وهذا هو المشروع.

س: تفضلتم وقلتم أنه لو صام المسلمون كلهم جميعاً في يوم واحد لكان أفضل، هناك فارق في التوقيت -سماحة الشيخ- لا يقل عن سبع ساعات بين شرقي الكرة الأرضية وبين غربها.

ج: لا يضر، اختلاف المطالع لا يضر على الصحيح، لا يضر وإن كان اعتبره بعض أهل العلم، وقالوا: أنه يعتبر، لكنه في الحقيقة والصواب لا يمنع أن يصوموا جميعاً ولو اخلتفت المطالع فيما بيننا وبين أفريقيا ومصر ونحو ذلك، وكما بيننا وبين أوروبا وأمريكا ونحو ذلك، لكن قال بعضهم: أنه إذا بعد جداً وصار النهار ليلاً والليل نهاراً فلهذا البعد تكون لهم رؤيتهم، هؤلاء البعيدون يكون لهم رؤيتهم؛ لأنهم لا يشتركوا معنا في الليل، هذا له وجه ذكره ابن عبد البر -رحمه الله- وجماعة، ولو صاموا مع غيرهم ولو بجزء قليل من الليل كفى ذلك والحمد لله لعموم الأدلة، فلو مثلاً طلع عليهم الليل في آخر الليل عندنا فهم معنا في اليوم الذي يصبحون عليه ولا بأس، وإذا صاموا برؤيتنا فلا حرج في ذلك، وإذا صمنا برؤية من نثق به في البلاد الأخرى فلا بأس، المهم الثقة فإذا كانت الدولة التي صامت تصوم بالرؤية ويوثق برؤيتها وصام الناس بها فلا بأس.

أما الصوم بالحساب فلا، لا يصام بالحساب عند جميع أهل العلم، حكاه أبو العباس بن تيمية شيخ الإسلام، حكاه إجماع أهل العلم، وقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في هذه البلاد هذه المسألة وأجمع المجلس على أنه لا يصام بالحساب أبداً، كما أجمع عليه العلماء، ورأوا أنه لا مانع من العمل باختلاف الرؤية والمطالع، وأن لكل أهل قطر رؤيتهم؛ لأن هذا أمر فعله المسلمون من قديم، ولم يحفظ أن المسلمين في سنة من السنين اجتمعوا على رؤية واحدة لتباعد الأقطار، فإذا عملت مثلاً السعودية برؤيتها أو مصر برؤيتها، ومثلاً أوروبا أو المغرب أو كذا برؤية فلا بأس، لكن إذا تيسر اجتماعهم واتفاقهم على رؤية واحدة فهذا أفضل وأكمل وأوفق للأحاديث.